وكل ذلك على طريق الاستحباب إذا كانوا عالمين بالأسعار وبما يباع فلا بأس أن يبيع كل واحد بغير السعر الذي باعه للآخر مع علمه.
فأما إذا كان المشتري من غير أهل البصيرة ثم ظهر له الغبن فله الخيار بين رد المبيع وإمساكه، فأما إن كان من أهل البصيرة ويعلم بالأسعار فلا خيار له وسيجئ الكلام على ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
وإذا قال لغيره: هلم إلي أحسن إليك، باعه من غير ربح وكذلك إذا عامله مؤمن فليجتهد ألا يربح عليه إلا في حال الضرورة وذلك على طريق الاستحباب دون الفرض والإيجاب.
ويستحب أن يقيل من استقاله لقوله ع: من أقال نادما بيعته أقاله الله نفسه يوم القيامة، ويكره السوم والمقاولة في البيع والشراء والرياضة في ذلك فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لأن ذلك وقت التفرع للعبادة والأدعية المستجابة واستدعاء الرزق من الله تعالى، فإذا غدا إلى سوقه فلا يكونن أول من يدخلها، على ما روي من كراهة ذلك فإذا دخلها سأل الله تعالى من خيرها وخير أهلها وتعوذ به من شرها وشر أهلها.
ويستحب لمن اشترى شيئا أن يتشهد الشهادتين ويكبر الله تعالى فإنه أبرك له فيما يشتريه وسأل الله تعالى أن يبارك له فيما يشتريه ويخير له فيما يبيعه، وينبغي أن يتجنب مخالطة السفلة من الناس والأدنين منهم ولا يعامل إلا من نشأ في خير، وقد روي: اجتناب معاملة ذوي العاهات والمحارفين، ولا ينبغي أن يخالط أحدا من الأكراد ويتجنب مبايعتهم ومشاراتهم ومناكحتهم.
قال محمد بن إدريس: وذلك راجع إلى كراهة معاملة من لا بصيرة له فيما يشتريه ولا فيما يبيعه لأن الغالب على هذا الجيل والقبيل قلة البصيرة لتركهم مخالطة الناس وأصحاب البصائر.
ويستحب لمن أخذ شيئا بالوزن ألا يأخذه إلا ناقصا وإذا أعطى لا يعطيه إلا راجحا وإذا كال لا يكيل إلا وافيا، فإن كان ممن لا يحسن الكيل والوزن فلا يتعرض له بل يوليه غيره، ولا يجوز له أن يزين متاعه بأن يرى خيره ويكتم رديئه بل ينبغي أن يخلط جيدة برديئه