ولا بأس أن يبيع الانسان ماله على غيره من الدراهم والدنانير بدراهم معينة ودنانير معينة ويقبضها قبل التفرق من المجلس من الذي هي عليه على ما أسلفنا القول فيه وحررناه، ولا يجوز له أن يبيعها إياه بدراهم أو دنانير غير معينة، لأنها إذا كانت غير معينة فإنها تكون في ذمته، وإذا كانت في ذمته فهي دين عليه فيصير بيع دين بدين، لأن الأثمان عندنا تتعين، فإذا كانت معينة وهلكت قبل القبض بطل البيع وإذا لم تكن معينة وهلكت لم يبطل البيع الذي هي ثمن له، لأنها إذا لم تكن معينة فإنه دين في ذمته بغير خلاف فافترق الأمران وتباين القولان، وقد حكينا عن شيخنا أبي جعفر ما قاله في مبسوطه قبيل هذا الكلام في هذه الباب.
وتصح الإقالة في جميع السلم وتصح في بعضه ولا فرق بينهما، فإن أقاله في جميع السلم فقد برئ المسلم إليه من المسلم فيه ولزمه رد ما قبضه من رأس المال إن كان قائما بعينه وإن كان تالفا لزمه مثله، فإن تراضيا بقبض بدله من جنس آخر مثل أن يأخذ دراهم بدل الدنانير أو الدنانير بدل الدراهم كان جائزا أو يأخذ عرضا آخر بدل الدراهم أو الدنانير كان جائزا، فإن أخذ الدنانير بدل الدراهم والدراهم بدل الدنانير وجب أن يقبضها في المجلس قبل أن يفارقه لأن ذلك صرف وإن أخذ عرضا آخر جاز أن يفارقه قبل القبض لأنه بيع عرض معين بثمن في الذمة، فدل ذلك على أن الدراهم أو الدنانير المبتاعة بالثمن الذي في الذمة معينة بقوله: وإن أخذ عرضا آخر جاز أن يفارقه قبل القبض، قال: لأنه بيع عرض معين بثمن في الذمة، فجعل التعين في المسألتين الأخذ، لأنه قال: وإن وجد عرضا جاز له أن يفارقه قبل القبض قال: لأنه بيع عرض معين بثمن في الذمة، وما جرى للتعيين ذكر إلا بقوله: أخذ، فلو لم يكن العرض معينا ما علله بقوله: لأنه بيع عرض معين و كذلك في الدنانير المبيعة بالثمن الذي في الذمة لا بد من يعينها لئلا يكون بيع دين بدين على ما حررناه، فليلحظ ذلك ويتأمل ففيه غموض على غير المحصل لهذا الشأن.
وإذا اشترك نفسان في شراء دراهم بدنانير ونقد أحدهما الدنانير عن نفسه وعن صاحبه وجعل نقده عنه دينا عليه بأمره له وقوله، ثم أراد أن يشترى منه حصته بالدنانير التي له عليه من ثمنها أو أقل منها أو أكثر لم يكن به بأس إذا كانت الدراهم المبتاعة في يد المشتري،