المكيلات والموزونات، ولم يستثنوا إلا الدنانير والدراهم في بيع النسيئة فحسب مثل شيخنا ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه فإن هذا مذهبه ومقالته في مقنعته وسائر كتبه، وكذلك السيد المرتضى وعلي بن بابويه وغير هؤلاء من المشيخة الفقهاء، وأبو علي بن الجنيد من كبار فقهاء أصحابنا ذكر المسألة وحققها وأوضحها في كتابه الأحمدي للفقه المحمدي فإنه قال:
لا بأس بالتفاضل بين الحنطة والشعير لأنهما جنسان مختلفان، وكذلك ابن أبي عقيل من كبار مصنفي أصحابنا ذكر في كتابه فقال: وإذا اختلف الجنسان فلا بأس ببيع الواحد بأكثر منه.
وقد قيل: لا يجوز بيع الحنطة والشعير إلا مثلا بمثل سواء لأنهما من جنس واحد. بذلك جاءت بعض الأخبار والقول والعمل على الأول، هذا آخر كلامه. وأيضا قوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا، يعضد ذلك ويشيده. وأيضا قوله المجمع عليه: إذا اختلف الجنس فبيعوا كيف شئتم. وقد اختلف الجنس في الحنطة والشعير صورة وشكلا ولونا وطعما ونطقا وإدراكا وحسا، فإذا كان لا إجماع على المسألة ولا كتاب الله تعالى و لا سنة متواترة، بل الكتاب المنزل على الرسول ع يخالفها والإجماع من الفرقة المحقة يضادها ودليل العقل يأباها فما بقي إلا تقليد الواضع لها في كتابه، ولا خلاف أنه لا يجوز تقليد ما يوجد في سواد الكتب إذا لم يقم على صحته الأدلة الواضحة والبراهين اللائحة.
ولا بأس ببيع قفيز من الذرة أو غيرها من الحبوب بقفيزين من الحنطة أو الشعير أو غيرهما من الحبوب نقدا أو نسيئة، بغير خلاف على ما أصلناه وحررناه فيما تقدمه، وقوله ع: إذا اختلف الجنس فبيعوا كيف شئتم. وإنما روي كراهية بيع نسيئة دون أن يكون ذلك محرما محظورا، وهذا مقالة جميع أصحابنا بغير خلاف بينهم ومذهب شيخنا أبي جعفر في نهايته ومسائل خلافه ومبسوطه وغير ذلك من كتبه.
وأما ما لا يكال ولا يوزن فلا بأس بالتفاضل فيه والجنس واحد نقدا ونسيئة، وروي كراهية ذلك نسيئة، وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وأما ما لا يكال ولا يوزن فلا بأس بالتفاضل فيه والجنس واحد