قال رحمه الله: دليلنا الآية وأيضا الأصل الإباحة والمنع يحتاج إلى دليل وأيضا عليه إجماع الفرقة وأخبارهم تدل على ذلك. هذا آخر كلام شيخنا في مسائل خلافه وهو الحق اليقين، فقد رجع عما ذكره في نهايته واستدل بالآية وإجماع الفرقة وبأخبارهم فليت شعري الذي ذكره في نهايته من أين قاله؟ وكيف جاز له أن يرجع عنه لو كان عنده حجة؟ وإنما ذلك أورده من طريق خبر الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا، فلو كان الرجل عاملا بأخبار الآحاد لما جاز له أن يرجع عن ذلك فلا يتوهم على شيخنا خلاف ما يعتقده، وإن وجد له في بعض كتبه كلام يدل على أنه يعمل بأخبار الآحاد فقد يوجد له في معظم كتبه وتصنيفه كلام يدل على أنه غير عامل بأخبار الآحاد. يوجد ذلك في استبصاره كثيرا فإنه يقول: هذا خبر واحد وأخبار الآحاد عندنا غير معمول عليها، فلو كان عاملا بأخبار الآحاد لما ساع له ذلك لأنه يكون مناقضا في أقواله مضادا لأفعاله.
وإذا كان الشئ يباع في مصر من الأمصار كيلا أو وزنا ويباع في مصر آخر جزافا فحكمه حكم المكيل والموزون إذا تساوت الأحوال في ذلك، وإذا اختلفت كان الحكم فيه حكم الأغلب والأعم.
الماء لا ربا فيه لأنه ليس بمكيل ولا موزون فيدخل تحت الأخبار والآيات، وقد بينا أنه لا ربا إلا فيما يكال ويوزن.
يجوز بيع خل الزبيب مثلا بمثل ولا يجوز متفاضلا وبيع خل التمر بخل التمر، ويجوز بيع خل الزبيب بخل العنب مثلا بمثل ولا يجوز متفاضلا، ويجوز بيع خل الزبيب بخل التمر متماثلا ومتفاضلا.
يجوز بيع مد من طعام بمد من طعام وإن كان في أحدهما قصل، بالقاف المفتوحة والصاد غير المعجمة المتحركة واللام، قال الجوهري في كتاب الصحاح:
القصل في الطعام مثل الزوان. قال الشاعر:
قد غربلت وكربلت من القصل.
أبو عمرو: وكربلت الحنطة إذا هذبتها مثل غربلتها.