نقدا ولا يجوز ذلك نسيئة مثل ثوب بثوبين ودابة بدابتين ودار بدارين وعبد بعبدين وما أشبه ذلك مما لا يدخل تحت الكيل والوزن، والأحوط في ذلك أن يقوم ما يبتاعه بالدراهم والدنانير أو غيرهما من السلع ويقوم ما يبيعه بمثل ذلك وإن لم يفعل لم يكن به بأس.
قوله رحمه الله: ولا يجوز ذلك نسيئة، محمول على تغليظ الكراهة دون الحظر لأنا قلنا: إن الشئ إذا كان شديد الكراهة قالوا: لا يجوز، وأيضا فشيخنا أبو جعفر قد رجع عما ذكره في نهايته في الجزء الثاني من مبسوطه في فصل في ذكر ما يصح فيه الربا وما لا يصح، فإنه قال: إذا تبايعا عينا بعين لم يخل من ثلاثة أحوال: إما ألا يكون في واحدة منهما الربا أو في واحدة منهما الربا أو في كل واحدة منهما الربا، فإن لم يكن في واحدة منهما الربا مثل الثياب والحيوان وغير ذلك مما لا ربا فيه جاز بيع بعضه ببعض متماثلا ومتفاضلا نقدا ويكره ذلك نسيئة ويجوز إسلاف إحديهما في الأخرى، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطه. وأيضا فقد بينا أن حقيقة الربا في عرف الشرع أنه بيع المثل بالمثل متفاضلا من المكيل وأنه لا ربا عندنا إلا في المكيل والموزون بغير خلاف بيننا، وبيع البعير بالبعيرين والدار بالدارين وما أشبه ذلك ليس بمكيل ولا موزون، فخرج ذلك من حقيقة الربا المنهي عنه في شريعة الاسلام ودخل ذلك في عموم قوله تعالى: وأحل الله البيع وحرم الربا، وهذا بيع بغير خلاف وقد بينا أيضا أن أخبار الآحاد لا يرجع إليها ولا يعول عليها فإن ورد خبر شاذ لا يلتفت إليه ولا يخفى بمثل الأدلة والعموم، ثم أخبارنا التي أورد شيخنا في استبصاره في الجزء الثالث كلها ناطقة بما ذكرناه من قولهم ع لما سئلوا عن بيع البعير بالبعيرين فقالوا: لا بأس جميعها، كذلك أوردها ولم يقل فيها شيئا، أعني شيخنا أبا جعفر.
ولا قال: إذا كان ذلك نسيئة لا يجوز ولو كان ذلك اعتقاده لقال. ويتوسط بين الأخبار على ما جرت عادته وسجيته.
وما يكال ويوزن فبيع المثل بالمثل جائز حسب ما قدمناه نقدا ولا يجوز ذلك نسيئة.
ولا بأس ببيع الأمتعة والعقارات والحبوب وغير ذلك بالدراهم والدنانير نقدا ونسيئة.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ولا يجوز بيع الغنم باللحم لا وزنا ولا جزافا، وقال في مبسوطه ومسائل خلافه: إذا كان اللحم من جنس الحيوان فلا يجوز وإن كان من غير جنسه فذلك جائز.