وكل ما يكال أو يوزن فإنه يحرم التفاضل فيه والجنس واحد نقدا ونسيئة مثل بيع درهم بدرهم وزيادة عليه، ودينار بدينار وزيادة عليه، وقفيز حنطة بقفيز منها وزيادة عليه، ومكوك شعير بمكوك منه وزيادة عليه، وكذلك حكم جميع المكيلات والموزونات.
وإذا اختلف الجنسان فلا بأس بالتفاضل فيهما نقدا ونسيئة إلا الدراهم والدنانير فلا يجوز النسيئة فيهما لا متماثلا ولا متفاضلا ويجوز ذلك نقدا متفاضلا ومتماثلا، بغير خلاف بين أصحابنا لقوله ع المجمع عليه: إذا اختلف الجنس فبيعوا كيف شئتم، ولولا الاجماع المنعقد على تحريم بيع الدنانير والدراهم نسيئة لجاز ذلك لأنه داخل في عموم قوله ع، فخصصناهما بالإجماع وبقي الباقي وما عداهما على أصل الإباحة وقوله تعالى:
وأحل الله البيع وحرم الربا، وقد قلنا: إن حقيقة الربا في عرف الشريعة بيع المثل من المكيل أو الموزون بالمثل متفاضلا نقدا ونسيئة.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا اختلف الجنسان فلا بأس بالتفاضل فيهما نقدا ونسيئة إلا الدراهم والدنانير والحنطة والشعير فإنه لا يجوز بيع دينار بالدراهم نسيئة ويجوز ذلك نقدا بأي سعر كان، وكذلك الحكم في الحنطة والشعير فإنه لا يجوز التفاضل فيهما لا نقدا ولا نسيئة لأنهما كالجنس الواحد، هذا آخر كلام شيخنا رحمه الله.
قال محمد بن إدريس: لا خلاف بين المسلمين العامة والخاصة أن الحنطة والشعير جنسان مختلفان أحدهما غير الآخر حسا ونطقا، ولا خلاف بين أهل اللغة واللسان العربي في ذلك فمن ادعى أنهما جنس واحد أو كالجنس الواحد يحتاج إلى أدلة قاطعة للأعذار من إجماع منعقد أو كتاب أو سنة متواترة ولا إجماع على ذلك ولا نص في كتاب الله تعالى ولا سنة مقطوعا بها متواترة، وقد قلنا: إن أخبار الآحاد لا توجب علما ولا عملا ولا يخفى بها الاجماع ولا الأدلة ثم لم يذهب إلى هذا القول غير شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله وشيخنا المفيد رحمه الله في مقنعته ومن قلده في مقالته وتبعه في تصنيفه بل جلة أصحابنا المتقدمين ورؤساء مشايخنا المصنفين الماضين رحمهم الله لم يتعرضوا لذلك، بل أفتوا وصنفوا ووضعوا في كتبهم: أنه إذا اختلف الجنس فلا بأس ببيع الواحد بالاثنين من المكيل والموزون على العموم والإطلاق من سائر