الصورة. كيف! ولو كانت الظهرية بمجرد وقوع الصلاة أولا لم يتصور تقدم العصر عليها، ولم يكن معنى للعدول من إحداهما إلى الأخرى، كما لا يخفى.
وكيف كان فالقصر والإتمام ليسا من العناوين المتحققة بالقصد، بل التفاوت بينهما بصرف وقوع التسليم على رأس الاثنتين أو الأربع.
وعلى هذا ففي الصورة الأولى من صورتي المسألة وإن كان الشروع في الصلاة بنية التمام لكن القصد لا أثر له بل يقع لغوا، وإنما يجب على المكلف أن يراعي في صلاته العنوان الفعلي المنطبق عليه من كونه بحيث يسمع أذان بلده أو لا يسمع، فيتمها على حسب وظيفته الفعلية، فإن وصل في حال التشهد الأول مثلا إلى مكان لا يسمع فيه الأذان صار مشمولا لقوله (عليه السلام): " وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصر ". (1) ولا يضر بذلك وقوع ما سبق بقصد التمام، فإن هذا القصد لا يوجب تعين المأتي به، لما عرفت من عدم كون القصر والإتمام من العناوين القصدية المتعينة بالقصد والنية.
وبهذا البيان يندفع ما استدل به على وجوب الإتمام في مفروض المسألة من أن الصلاة على ما افتتحت، لاختصاص ذلك بالعناوين المتقومة بالقصد مثل الظهرية العصرية ونحوهما.
وقد ظهر بما ذكرنا أنه لو التفت قبل القيام للثالثة إلى قرب الوصول إلى حد الترخص لم يجز له القيام، بل وجب عليه أن يصبر حتى يصل إليه ويسلم. هذا.
ولكن لأحد أن يدعي انصراف قوله: " وإذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصر " عن مثل هذا الفرض، إذ المتبادر منه ثبوت القصر لمن وقع جميع صلاته في الموضع الذي لا يسمع فيه الأذان، لا لمن وقع جميع صلاته ما عدا السلام مثلا فيما دون حد الترخص ثم وصل إليه فتردد أمره بين أن يسلم على الثنتين أو يضيف ركعتين.