وأما " الغسل ": ففيه الواجب والندب، فالواجب منه ستة:
الأول: " غسل الجنابة " والنظر في موجبه وكيفيته وحكمه، الغسل بالفتح المصدر، وبالضم الاسم، وقيل: ما يغتسل به، وبالكسر ما غسل به الرأس، ذكره ابن السكيت، و " الجنابة " البعد، قال الشاعر [أتانا حريث زائرا عن جنابة].
ويقال: أجنب الرجل وجنب وتجنب واجتنب من الجنابة ذكره الفراء، وإنما سمي جنبا لبعده عن أحكام الطاهرين، وسبب الجنابة أمران: الإنزال والجماع.
مسألة: إنزال " المني " موجب للغسل يقظة ونوما، وعليه إجماع المسلمين وقوله عليه السلام، الماء من الماء، وغالب أحواله أن يخرج دافقا تقاربه الشهوة ويفتر بعده البدن.
وقال أبو حنيفة: لا يجب الغسل إلا أن يلتذ بخروجه، لما روي " أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وآله عن المرأة ترى في المنام مثل ما يرى الرجل، فقال صلى الله عليه وآله: أتجد لذة؟ فقالت: نعم، فقال: عليها مثل ما على الرجل " (1).
فروع الأول: إذا تيقن أن الخارج " مني " وجب الغسل، سواء خرج دافقا أو متثاقلا بشهوة وغيرها في نوم ويقظة، لأن خروجه سبب لإيجاب الغسل فمع تحققه منيا يجب الغسل للخبر، ويؤكده ما رواه الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي عليه السلام يقول: " إنما الغسل من الماء الأكبر " (2) وحديث المرأة لا ينفي موضع النزاع، لأن اعتباره باللذة استعلام لما يشتبه حاله، لا لما يتيقن أنه مني.
الثاني: لو خرج ما يشتبه اعتبر باللذة والدفق وفتور البدن، لأنها صفات