لا يقال: هذه الأخبار آحاد وهي لا توجب العلم، ولو سلمت لكان أهل البيت أشار إلى أهل العباء، دون الباقين ممن تعتمدون قوله، لأنا نجيب عن الأول بأنها وإن كانت آحادا، لكنها إذا انضمت إلى ما نقله الإمامية في هذا المعنى بلغ اليقين، وإلا فأي عاقل يجوز أن يجتمع هذا الجم الغفير على اختلاف مثل هذه الأخبار وأضعافها مما يملأ الصحف، هذا، مما لا يظنه محصل ولو سلمنا أنها آحاد، لكن الناس بين إمامي، ومخالف له، وكل مخالف فإنما يعتمد على فتوى قايس عامل بأخبار الآحاد، مثبت بها الأحكام الشرعية، وقد أجمع الناس إلا من لا عبرة به أن الخبر أرجح من القياس في العمل، فحينئذ يجب اعتماد فتوى هؤلاء السادة، لأن الأخبار الدالة على وجوب متابعتهم أقوى من الأخبار التي يبني عليها علماء الجمهور مذاهبهم. وأما قوله: إن أهل البيت هم أهل العباء خاصة دون من بعدهم، فيضعف بقوله عليه السلام (فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (1) ولو قيل: فلم لا يكون الأئمة المشار إليهم من أهل البيت غير من استندتم إلى فتواه، قلنا: يشهد لمن استندنا إليه اتساع فتواه، ووجود ما يلتمسه المستفتون عنده دون كل من تعرض لذلك من الذرية، يعلم ذلك اضطرارا عند الوقوف على سيرهم.
وأما العقل: فوجوه:
الوجه الأول: ما انتشر عنهم من العلوم الفقهية، والأصولية، والتفسيرية، منضما إلى غيرها من العلوم، كالنجوم، والطب فإن عليا عليه السلام استند إليه كل فاضل، وافتقرت إليه الصحابة في الحوادث، ولم يفتقر إلى أحد، وكذا كل واحد من الأئمة حتى أن محمد بن علي عليه السلام لاتساع علمه وانتشاره سمي باقر العلم ولم ينكر