بفتواهم ويعيبون على غيرهم ممن أفتى باجتهاده وقال برأيه، ويمنعون من يأخذ عنه ويستخفون رأيه وينسبونه إلى الضلال، يعلم ذلك منهم علما ضروريا صادرا عن النقل المتواتر، فلو كان يسوغ لغيرهم ما ساغ لهم لما عابوا لمكان ما استسلف من اتفاق المسلمين على عدالتهم وصلاحهم، ولأن الاتفاق على عدالتهم والشك في عدا من سواهم من فقهاء العامة يوجب العمل بقولهم صلوات الله عليهم، ويمنع من العمل بفتوى غيرهم من أرباب الاجتهادات. وهذه الطرق التي ذكرناها إنما هي على تقديران نعرض عند الاستدلال بما خصهم الله به من وجوب الطاعة، واختارهم له من الإمامة، وميزهم به من العصمة التي أوضحنا طرقها في الكتب الكلامية، وحققها علماؤنا وبتقدير أن نسلك تلك الطرق فإن نستغني عن جميع ما أوردناه.
وقد قال بعض من لا معرفة له: إن الجواد صلوات الله عليه تلمذ لابن أكثم، وهو جهل بمنزلة الجواد صلوات الله عليه وقلة اطلاع على ما ورد عنه من العلم الجم، وما اشتهر من أجوبته عن مسائل الإمامية بما يدل على الإعجاز، وقد كان من تلامذته وأشياعه القائلين بإمامته من لا يرتضي أن يكون ابن أكثم تلميذا له، كالحسين بن سعيد، وأخيه الحسن، ومحمد بن أبي نصر البزنطي، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي، وشاذان بن الفضل القمي، وأيوب بن نوح بن دراج، وأحمد ابن محمد بن عيسى وغيرهم ممن يطول تعدادهم، وكتبهم الآن منقولة بين الأصحاب دالة على العلم الغزير، فهل يستجيز ذو تحصيل أن يعتقد في هؤلاء الفضلاء اتخاذهم تلميذ الابن أكثم إماما يعتقدون عصمته، وفرض طاعته، هذا ما لا يعتقده ذو بصيرة.