تسميته منكر، بل إنهم شهدوا أنه وقع موقعه وحل محله، وكذا الحال في جعفر بن محمد عليه السلام، فإنه انتشر عنه من العلوم الجمة ما بهر به العقول، حتى غلا فيه جماعة وأخرجوه إلى حد الإلهية وروى عنه من الرجال ما يقارب أربعة آلاف رجل، وبرز بتعليمه من الفقهاء الأفاضل جم غفير كزرارة بن أعين، وأخويه: بكير، وحمران وجميل بن دراج، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية، والهشامين، وأبي بصير، وعبيد الله، ومحمد وعمران الحلبيين، وعبد الله بن سنان، وأبي الصباح الكناني، وغيرهم من أعيان الفضلاء كتب من أجوبة مسائله أربعمائة مصنف سموها (أصولا) وكذا كل واحد منهم صلوات الله عليهم لم يسئل أحد منهم فتردد ولا تلعثم، ولا استشكل سؤالا ولا عول في جواب على مساعد ولا مباحث، مع أنهم لم يشاهدوا مختلفين إلى معلم ولا ادعى ذلك عليهم مدع من أوليائهم ولا أعدائهم، بل كل منهم يسند عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا من أقوى الحجج على اختصاصهم بالمزية القاضية بأنها خاصة من الله ومعجزة امتازوا بها عن الخلق.
الوجه الثاني: ما ظهر عنهم من المعجزات التي ملأ بها المحدثون الكتب من الإخبار بالمغيبات، والطبع في الحصى وغيره، وذكر ذلك مفصلا يفتقر إلى كتاب مفرد، فمن أراده فليراجع الكتب المختصة به.
الوجه الثالث: اتفاق الناس بأجمعهم على طهارة أئمتنا عليه السلام وشرف أصولهم، وظهور عدالتهم وبرائتهم ما يشين منهم نسبا أو حسبا أو خلقا، وقصور الألسنة عن القدح فيهم مع إعراض ولات أزمنتهم عنهم، وإيثارهم الغض منهم والتعريض للوقيعة فيهم بالصلاة الوافرة، فلولا أنهم من صفات الكمال إلى حد يقصر عنه الألسن عن القدح فيهم ويتحقق كذب الطاعن عليهم لما استمر لهم ذلك. ثم هم مع هذه الأخلاق الطاهرة، والعدالة الظاهرة، يصوبون الإمامية في الأخذ عنهم والعمل