وأما غسل غير الجنابة فالذي عليه الأكثر أنه لا بد معه من الوضوء قبله أو بعده، وهو اختيار الشيخين رحمهما الله. وقال آخرون: يكفي الغسل ولو كان مندوبا، وهو اختيار المرتضى رضي الله عنه. لنا أن كل واحد من الحدثين لو انفرد لأوجب حكمه ولا منافاة، فيجب ظهور حكمهما، لكن ترك العمل بذلك في غسل الجنابة، فيبقى معمولا به هنا.
ويؤكد ذلك رواية محمد بن أبي عمير، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
" كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة " (1) ورواه ابن أبي عمير أيضا، عن حماد ابن عثمان أو غيره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " كل غسل فيه وضوء إلا غسل الجنابة " (2) فإن احتج المرتضى رضي الله عنه بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: " الغسل يجزي عن الوضوء وأي وضوء أطهر من الغسل " (3) وما روي من طرق عن الصادق عليه السلام أنه قال: " الوضوء بعد الغسل بدعة " (4) فجوابه إن خبرنا يتضمن التفصيل، والعمل بالمفصل أولى.
مسألة: إذا غسل المجنب رأسه للطهارة ثم أحدث ما يوجب الوضوء، قال ابنا بابويه والشيخ (ره) في النهاية: يعيد الغسل. وتردد في المبسوط، وقال ابن البراج: يتم غسله ولا وضوء عليه. وقال علم الهدى: يتم غسله ويتوضأ لحدثه، وهو الأشبه.
لنا أن الحدث الأصغر يوجب الوضوء وليس موجبا للغسل ولا لبعضه، فيسقط وجوب الإعادة ولا يسقط حكم الحدث بما بقي من الغسل، وقول من قال: لا حكم