[...] نعم، ظاهر كلام المصنف (قدس سره): " إذا لم يكن لغيره " هو الاحتراز عما إذا كان المصحف لغيره، فيثبت الضمان حينئذ، إلا أن مراده (قدس سره) ليس ذلك، كيف! وأنه (قدس سره) نص في ذيل هذه المسألة بعدم الضمان في الفرض، معللا بأن الضرر جاء من قبل التكليف الشرعي، والتعليل يعم ما إذا كان المصحف لغيره، كما أنه قال (قدس سره): في المسألة الثانية عشر بعدم الضمان في الفرع المذكور، أيضا.
هذا، ولكن الحق هو أن المنجس ضامن لأجرة تطهير المصحف إذا كان لغيره، شخصا كان ذلك الغير، أو جهة.
والوجه فيه: هو أن المنجس أوجب بسبب التنجيس زوال وصف كمال المصحف، ومن المعلوم: أن زواله يستدعي الضمان، كما هو مقتضى ما تقدم في المسألة الثانية عشر.
وعليه: فلو طهر المصحف من لم ينجسه وصرف مؤنة لتطهيره بلا قصد التبرع، كان له الرجوع إلى المنجس، ولا ينافي كفائية الوجوب التكليفي عينية الوجوب الوضعي، بمعنى: أن الأمر بالتطهير المتوجه إلى المنجس وغيره على وجه الكفاية، لا يلازم توجه المؤنة ووجوب بذلها إلى غيره - أيضا - على وجه الكفاية، فإذا لا يصح ما عن المصنف (قدس سره) في ذيل المسألة من قوله: " وكذا لو ألقاه في البالوعة، فإن مؤنة الإخراج الواجب على كل أحد ليس عليه ".
ثم انقدح مما ذكرنا من عدم التنافي، بين كفائية الوجوب التكليفي، وبين عينية الوجوب الوضعي، حكم ما لو كان المصحف ملكا لنفس المنجس، فيضمن مؤنة تطهيره لو طهره غيره مع صرفها. م