السبب فإن ذلك يجعل صاحبه كالفأرة الواقعة في الفخ، حيث تحاول الفرار فقط».
«وليس من الضروري أن يكون هذا الخوف من حادث قريب، بل يكون في الغالب وليد خاطرة سابقة نسيت من صفحة شعور الإنسان. لقد كان الخوف مصاحبا لهذه الخاطرة ولم يطرد من خزانة الفكر تماما، وفي النتيجة يظهر بصورة الخوف، العصاب، القلق، والاضطراب» (1).
«بصورة عامة فإن كل حادثة مؤلمة تقع للطفل سواء في البيت، أو المدرسة، أو المجتمع، تسبب تحطيم شخصيته لأن عواطفه ومشاعره قد قمعت، ولا تستطيع الطهور من دون جهد» (2).
إن هؤلاء الأفراد إذا استطاعوا أن يتناسوا خواطرهم المرة التي مرت عليهم في أيام الطفولة، وتغافلوا عما لا قوة من التزمت والشدة من أبويهم استطاعوا العيش بعزة وكرامة. أما إذا ظلت تلك الخواطر المؤلمة عالقة بأذهانهم فإنهم لا يستطيعون الخلاص من ضغط الحقارة والذلة ولذلك نجدهم يقدمون على أعمال مختلفة، منها الرضوخ للذل والاستسلام للهوان.
إن التواضع في هذه الصورة يفسر بالخوف من معاملة الناس للفرد نفس المعاملة التي كان يعامله بها أبواه من التحقير والشدة والخشونة. ولكي يتدارك ذلك يتواضع لكل أحد ويتزلف إلى كل من يتصور أنه قادر على الأخذ بيده في متاهات الحياة، ومساعدته في حل مشاكله.
إذن ليس هذا النوع من التواضع فضيلة خلقية، بل يستند إلى الخوف من التحقير. وهو مذموم بلا ريب.