لقد حذر الإسلام أتباعه في تعاليمه الخلقية والاجتماعية من التنابز والسخرية. إن المجرم يجب أن يعاقب حسب التعاليم الإسلامية، ولا يجوز تعييره على ذنبه.
«قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا زنت خادم أحدكم فليجلدها الحد ولا يعيرها» (1) فإذا كان المسلم لا يحق له أن يعير الزانية على عملها، كيف يحق له أن يعير أحدا بذنب صدر من أبيه أو أمه؟
لقد أنقذ الإسلام كثيرا من المسلمين الذين كانوا ينتمون إلى عوائل منحطة من ضغط الحقارة بمنعه من ذم بعضهم البعض، وهكذا نجد أن هؤلاء يتصلوان بالناس ويعاشرونهم دون شعور بالخجل والإنحطاط، وإذا كان أحدب من المسلمين يوجه الذم نحوهم فإن الرسول الأعظم (ص) كان يمنعه من ذلك بصراحة.
كلنا نعلم ما كان يقوم به أبو جهل في صدر الإسلام من معارضة النبي (ص) في نشر دعوته. وقد اشتهر بسبب من سوء ما أضمر، وفظاعة الجرائم التي قام بها بالخيانة والدنس بين المسلمين. لقد حضر ابنه عكرمة بعد موت أبيه بين يدي النبي (ص) واعتنق الإسلام، فقبل النبي اسلامه، واحتضنه وأثنى عليه. لكن لما كان عكرمة ينتمي إلى أسرة أصرت على الكفر واشتهرت بسوء السمعة بين المسلمين فإن ذلك كان إلى داعيا احتقاره من قبل المسلمين. وفي رواية أن المسلمين كانوا يقولون: «هذا ابن عدو الله أبي جهل، فشكى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله، فمنعهم من ذلك. ثم استعمله على صدقات هوازن» (2).
* * * نستنتج مما تقدم أن الإسلام يرى أن الحياء المعقول الذي يضمن تنفيذ القوانين ويمنع من ارتكاب الذنوب، من الصفات الفاضلة. أما الحياء المفرط