الرجال المؤمنين فإنها العامل الفعال في تنفيذ القوانين وحسن رعايتها.
إن جميع النصوص والأسس الإسلامية الواصلة إلينا حول التنظيم الجزائي لا تتجاوز البضع ماءة آية وحديث... في حين أن هناك ألوف الآيات والأحاديث في الإيمان بالله واليوم الآخر، وفي بيان الفضائل والرذائل وحول الشعور بالمسؤولية والقيام بالواجب ، والحث على التقوى والتكامل الروحي... وغير ذلك من المعنويات والقيم والمثل. وهذا يدلنا على أن أساس اهتمام قائد الإسلام العظيم في تنفيذ القوانين كان منصبا على استغلال القوى المعنوية والإيمانية. إن العقوبات أنما هي لغرض تأديب أفراد معدودين لم يستفيدوا شيئا من ثروة الإيمان والفضائل.
وهذا سمة فريدة يمتاز بها النظام التربوي في الإسلام على سائر النظم التربوية والنفسية في العالم المتحضر.. وهي عبارة عن أن الإسلام يرسي قواعده على الايمان بالله، أما النظم الأخرى فإنها فاقدة لهذا الأثر الكبير. يستفيد العلماء المعاصرون في مناهجهم العلمية من قوة التربية والاخلاق، ومستوى الثقافة والوجدان ونحو ذلك، فينشئون الأفراد على الشعور بالواجب والإسلام يستفيد من هذه الأسس أيضا في أساليبه التربوية، إلا أنه يتضمن منهجا فريدا من نوعه في ضمان سعادة الإنسان وإحياء الشعور بالواجب في نفسه وهو الإيمان بالله.
إن تأثير الإيمان في ضمان تنفيذ القوانين وأداء الواجبات يفوق تأثير أي قدرة أخرى ولهو أنشط من أي عامل آخر. ذلك أن جميع الوسائل التي تضمن تطبيق القوانين يقل تأثيرها أو ينعدم في الظروف الصعبة وعند مواجهة العقبات... أما القدرة التي تستطيع أن تقف حاجزا أمام انحراف الأفراد في مختلف الظروف وشتى المواقع فهي الإيمان بالله. إن المؤمنين الواقعين مستقيمون في سلوكهم دائما ويقومون بواجباتهم خير قيام... إنهم يسيرون في الصراط القويم في الفقر والغنى، والصحة والمرض، والأمن والفوضى، والسلم والحرب، وفي كل الحالات، لا ينحرفون عنه قيده شعرة.