فإن مصيبة الحقارة قطعية بالنسبة اليه ولا يمكن التخلص منها. هذا الطفل لا بد له من تحمل الألم الداخلي مدى العمر، وليس للآباء والأمهات في هذه الحالات الصبر والتحمل. إذ أن رفع هذه العاهات والنقائص الطبيعية ليس بيدهم، في حين أن انتخاب الاسم الحسن في مقدورهم، وهو من حقوق الأولاد الواجبة على الآباء. إنهم يتمكنون من القيام بواجبهم على خير وجه في تسمية أطفالهم، وباستطاعتهم إجتباء أسماء لأطفالهم لا تصير سببا للحقارة والضعة مدى العمر.
إن الطفل الذي يستهزأ به من قبل سائر الأطفال لاسمه المستهجن أو لانتسابه إلى عشيرة ذات اسم قبيح يخسر نشاطه ويسير دوما إلى اضمحلال وانهيار، فيتجنب من الألعاب الجماعية للأطفال، ويخاف من معاشرتهم، ويخفي نفسه قدر المستطاع في ساحة المدرسة، ويقف في صف التلاميذ وقفة لا يراه معها مدير المدرسة أو المشرف حذرا من أن ينادى باسمه من بين الأطفال وتتجدد عليه الكارثة.
«تشمل عقدة الحقارة جميع المظاهر التي ظهر بها عدم الاعتماد على النفس، والشعور بضعف الشخصية، وعدم الكفاءة، وفقدان الإرادة. إن الطفل الذي يبتلى بالشعور بالحقارة عندما يشب يلزم سيرة الوحدة والانزواء أو لا أقل من أن يوجد عنده الشعور بالغربة والابتعاد عن أقرانه، لأن الوقائع والحوادث في دور الطفولة أفهمته أن الألفة والاجتماع مع الغير هو الذي جلب له السخرية والانتفاد. إن الذي يتجنب أقاربه وأترابه يقودنا إلى أنه معذب من الشعور بحقارة وجدت فيه من تجاربه في الطفولة. ولهذا - وبناء على قواعد علم النفس - فإن كل حادثة تضعف أو تعدم عزة النفس عند الإنسان، وتقلل من طموحه عامل مهم لتوسعة (عقدة الحقارة) وتقويتها ووسيلة لجعله بين الأعضاء المختلين وضعاف النفوس في المجتمع» (1).