بالوسائل المادية والأجهزة العلمية. إن وجود حقيقة ما يختلف عن إمكان قياسها، يجب أن ننظر إلى هذه الحقائق بعين البصيرة ونعترف بوجودها وإن عجزت الوسائل العلمية عن قياسها وضبطها.
«تبدو الوسيلة العلمية للنظرة الأولى غير قابلة للتطبيق على تحليل جميع وجوه نشاطنا، ومن الواضع أننا نحن المراقبين غير قادرين على تتبع الشخصية البشرية في كل منطقة تمتد إليها، لأن فنوننا لا تفهم الأشياء التي لا أبعاد لها ولا وزن، وإنما هي تصل فقط للمناطق التي تقع في الاتساع والزمن... إنها غير قادرة على قياس الغرور والحقد والحب والجمال أو أحلام العالم وإلهام الشاعر، ولكنها تسجل بسهولة النواحي الفسيولوجية النتائج المادية لهذه الحالات النفسانية.. ان النشاط العقلي والروحي يعبران عن نفسيهما بتصرف معين، أو عمل معين، أو موقف معين، نحو إخواننا في البشرية حينما يلعبان دورا هاما في حياتنا... ولكن من المحقق أن إتسام الأشياء بالمراوغة ليس معناه عدم وجودها» (1) «ليس من الضروري أن تكون الحقيقة واضحة بسيطة. بل انه ليس من المحقق أن نكون دائما غير قادرين على فهمها. وعلاوة على ذلك فإنها تفترض آراء مختلفة لا حدود لها.. إن حالة الشعور، وعظمة الكتف، والجرح، هي أيضا أشياء حقيقية.
كما أن الظاهرة لا تدين بأهميتها إلى سهولة تطبيق الفنون العملية حين دراستها. وإنما يجب أن ترى وهي تؤدي وظيفتها، لا بالنسبة للمراقب ووسائله وإنما بالنسبة للكائن الحي. فحزن الأم التي فقدت طفلها، وجزع النفس الحائرة في (الليل البهيم) وعذاب مريض السرطان، كل أولئك حقائق واضحة على الرغم من أنها