محمد بن كرام (المتوفى سنة 255) حيث أينعت فكرة التجسيم من جديد، وعرفت ازدهارا لا مثيل له. وقد بشر محمد بن كرام بجانب مذهبه في التجسيم، بروح الزهد والتنسك فكانت مدرسته مدرسة زهد بلا شك...
وإن كانت قد ملأت الدنيا ضجيجا إذ قدمت إلى العالم الإسلامي مذهبا فلسفيا، لا يتفق في أصوله وجزئياته مع عقيدة أهل السنة والجماعة (الأشاعرة والماتريدية)، بل لا يتفق مع عقائد فرق المسلمين الأخرى من شيعة ومعتزلة...
ولكن المذهب عاش في عهد مؤسسة في قلوب الألوف من البشر. وتناولته القرون من بعده، إما قبولا أو إنكارا، ثم إنه ما زال يعيش حتى الآن في دوائر سلف المتأخرين - الحنابلة - وهم يعدون بالملايين في عالمنا المعاصر الآن (57).
لقد كانت الكرامية مجسمة غالى صاحبها في إثبات العرشية والفوقية.
وأكد على أن الله جسم، لكن ليس كالأجسام. وإنه مستقر على العرش ومماس له، كما قال الكرامية بقيام الحوادث بذات الله. وجاءت بآراء ومعتقدات خالفت فيها الفرق الإسلامية جميعا وعلى رأسهم أهل السنة والجماعة.
إلا أن لهم رأيا متميزا يخص النبوة والنبي والرسول والمرسل. وقد قام الدكتور النشار بتخريج لطيف له. يربط بينه وبين عقيدة السلفية المعاصرة في موقفها من الرسول (ص) وقبره وشد الرحال إليه.
لقد ذهبت الكرامية إلى أن النبوة والرسالة عرضان حالان في النبي و الرسول، منفصلتان تمام الانفصال عن الوحي إليه، وعن ظهور المعجزات على يديه، وعن عصمته عن الخطأ والمعصية، فمن فعل الله فيه تلك الصفة وجب على الله تعالى إرساله... وتضع الكرامية تمييزا بين الرسول والمرسل فالرسول من حصل فيه " ذلك المعنى " وأنه يجب عليه الله أن يرسله إلى الناس رسولا