تيمية "، أو بمعنى أدق سار الحشو في طريقه يدعم فكرة التشبيه والتجسيم ويجتذب إليه مجموعة من أذكى رجالات الفكر الإسلامي (59). وإن كان ابن تيمية سيتجه بهذا الحشو اتجاها نحو عقلنته بجمع متناقضاته وآرائه المختلفة المشارب والاتجاهات وصبها في قالب، قال عنه أنه مذهب أهل الحق من السلف والخلف. وتبعه في ذلك تلميذه ابن قيم الجوزية، وحمل راية الدعوة إلى ذلك بالسيف محمد بن عبد الوهاب النجدي الحنبلي وأتباعه. حيث السعي الجاد اليوم لنشر هذه المعتقدات والآراء في العالم الإسلامي ومحاربة غيرها.
لقد كانت البذرة الأولى للتشبيه إما وافدة على البيئة الإسلامية ضمن مؤامرة على عقيدة التوحيد الخالص. أو وليدة هذه البيئة نفسها، نتيجة سوء الفهم لبعض النصوص الإسلامية. لذلك فالحشو والتشبيه وما ينتهيان إليه من تجسيم، قد نبتا في صفوف المسلمين وصار لهما ممثلون بين الفرق المختلفة، فهناك حشوية بين أهل السنة وبين غلاة الشيعة، يظهرون في عصور مختلفة.
وهناك " حشوية مشبهة " تنتمي إلى الحنابلة وإن تبرأ منها محققوا الحنابلة أنفسهم (60). وهؤلاء هم الذين يطلقون على أنفسهم اليوم اسم " السلفية "، وهم في الحقيقة " حشوية الحنابلة ". ونسبتهم للحنابلة لأنهم يدعون أنهم على ما كان عليه الإمام أحمد بن حنبل في الأصول والفروع. وسنناقشهم في الفصول القادمة حول هذه النسبة لنعرف حقيقة ومدى ارتباطهم بفكر ومنهج هذا المحدث الكبير.
يلاحظ القارئ أننا انتهينا إلى حقيقة مفادها، أن فرقة " السلفية المعاصرة " اليوم هي تيار حشوي له جذور عميقة في التاريخ الفكري للحشو وعقائده.