فلكون خصومهم المعتزلة يعتمدون العقل، أما النقل فيلجأون إليه في حدود ضيقة لخوفهم - أي المعتزلة - من السقوط في الحشو، وما أدخل في الحديث النبوي من عقائد فاسدة. وإذا لماذا خاصمهم أصحاب الحديث وشنعوا عليهم ورموهم بالانحراف؟.
الحقيقة أن فريقا مخصوصا من أهل الحديث هم من حمل راية الهجوم على " أوائل أهل السنة " ووصفوهم بالابتداع. هذا الفريق هم " حشوية أهل الحديث "، وهم سلف " السلفية الحشوية " كما ذكرنا سابقا. والنصوص التي تدعم هذا الرأي كثيرة.
يرى أهل السلف أو بمعنى أدق " الحنابلة " وخاصة المتأخرين منهم، إنه ضاق بابن كلاب والقلانسي وأضرابهما النفس بضآلة معرفتهم بالسنن وتركهم قبولها، والتجائهم إلى العقل، وهذا خطأ كبير من الحنابلة، لأن ابن كلاب والقلانسي كانا من أعمق المحدثين، ولكنهما اعتبرا الآثار الواردة في أن كلام الله حروف وأصوات قديمة، أخبار آحاد لا توجب علما. والحنابلة لا يرون هذا، ويرون أن ابن كلاب والقلانسي وغيرهما " التزموا ما قالته المعتزلة، وركبوا مكابرة العيان وخرقوا الإجماع المنعقد بين الكافة المسلم والكافر (66). وقول النشار " الحنابلة " ليس دقيقا لأن من قال بأن كلام الله حرف وصوت وهو قديم، إنما هم " حشوية الحنابلة ". أما باقي الحنابلة فقد كانوا على رأي الأشاعرة " أهل السنة " في الأصول. أو مفوضة متوقفين على الخوض في هذه المسائل.
ومما يؤكد هذا القول أن ابن خزيمة صاحب كتاب " التوحيد " يعتبر من أهم رجالات " الحشوية السلفية " قديما وحديثا وقد كان من أعداء مدرسة ابن كلاب ومن تبعه من الأشاعرة متقدمين ومتأخرين.
إن المفهوم الاصطلاحي الجديد " لأهل السنة " سيعني بعد ظهور الأشعري