وقد أفصح الشيخ ناصر الدين الألباني وهو من دعاة (السلفية الوهابية المعاصرة وأحد محققيها) عن موقف فرقته من المذاهب الإسلامية الفقهية، حينما اعتبر الفقه الحنفي صنوا للإنجيل المزيف. وإنه خلاف الشرع المحمدي الأصيل. وابن تيمية عندما قسم طرائق العلماء في فهم العقائد الإسلامية إلى أربعة أقسام: جعل القسمين الأول والثاني من نصيب الفلاسفة والمعتزلة وبين طريقتهم، أما القسمين الأخيرين فهما ما سلكه الأشعري والماتريدي في فهم العقائد. " وبعد هذا التقسيم قرر ابن تيمية إن منهاج السلف ليس واحدا من هذه الأربعة بل هو غيرها " (81). والمحصلة المنطقية لهذا الكلام وغيره مما يعتقد به السلفية المعاصرون هو أن مذاهب " أهل السنة والجماعة " في الأصول والفروع ليست من السلف الصالح في شئ. وهذا حكم على إسلام وإيمان ملايين من المسلمين في الماضي والحاضر بالضلال والانحراف الكامل!!؟.
والحقيقة أن ما يستفاد من كلام الدكتور السلفي الأخير هو التعريف الدقيق الذي يضعه لنا " للسلفية " والذي تضمنه النص دون قصد منه: فالسلفية: هي " مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب " لا غير.
على أن انتساب السلفية لمذهب أحمد بن حنبل مما لا يقرهم عليه " بعض فضلاء الحنابلة " (82) كما يقول الشيخ محمد أبو زهرة، وعلى رأسهم الذهبي المعاصر لابن تيمية والمحقق الكبير. وكذلك ابن الجوزي الخطيب والفقيه الحنبلي، الذي أنكر أن يكون ما يذهب إليه " حشوية السلفية " في العقائد هو رأي الإمام أحمد بن حنبل. لكن محمد بن عبد الوهاب باعث السلفية المعاصرة ومحيي عقائدها في شبه الجزيرة العربية سيحسم النقاش لصالح حقيقة واضحة يتحرج بعض السلفيين اليوم من إعلانها، وذلك عندما أفتى بجواز قتل من يعتقد " عقيدة أهل السنة والجماعة " من الأشاعرة خصوصا.