الجماعة (71)، ومخالفيها ولقبه أكثر علماء عصره بإمام " أهل السنة والجماعة " (72). لكن حشوية الحنابلة ومن تبعهم من السلفية لم يرتضوه إماما لهم. فشكوا أولا في حقيقة توبته من الاعتزال، ثم كفروه وأصحابه. ودارت بين الفئتين حروب الدامية، وفتن ومساجلات فكرية عليه طول التاريخ الإسلامي وإلى يوم الناس هذا. كلا المدرستين تدعي لنفسها اتباع السلف، وتعتبر نفسها دون غيرها المستحق للقب " أهل السنة " لكن المحقق في عقائد الفريقين، الأشاعرة والماتريدية " أهل السنة " و " حشوية الحنابلة " السلفية، يجد تباينا واضحا واختلافا كبيرا ينطلق من المنهج ويتعمق من خلال النتائج وتفريعاتها.
وهذه الاختلافات العقائدية، وما جرى بين الفريقين من تطاحن واقتتال على مدى أكثر من عشرة قرون يوضح بما لا مجال للشك أن مدرسة " أهل السنة " الكلامية ممثلة ب " الأشاعرة والماتريدية " وخصومهم " حشوية الحنابلة " أو " السلفية " وعلى رأسهم زعيمهم ابن تيمية الحنبلي. فرقتان أو مدرستان مختلفتان تماما عن بعضهما البعض في المنطلقات وفي النتائج. وأن أي محاولة لدمج المنهجين، واعتبار الفريقين يمثلان تيارا واحدا يسمى تارة بأهل السنة والجماعة، وتارة بالسلف أو السلفية، إنما هي محاولة قاصرة ينقصها التحقيق والمعرفة الدقيقة بكلا المدرستين. وإن وجد بعض الكتاب قديما وحديثا يخلطون في إيراد هذين المصطلحين ويقصدون بهما مفهوما معينا واحدا فيقولون: " السلف أو مذهب السلف " ويقصدون به " أهل السنة " من أشاعرة وماتريدية وكذلك يوردون مصطلح " أهل السنة " ويقصدون به " الحشوية الحنبلية ".