بهذا المعنى، فإذا أرسل يكون مرسلا ولم يكن قبله من المرسلين بل رسولا فقط، ولهذا يقولون " إن النبي صلى الله عليه وسلم في قبره رسول وليس بمرسل... وقد عارض أهل السنة والجماعة هذا التمييز الدقيق بين الرسول والمرسل، وقرروا أن الرسول صلى الله عليه وسلم في القبر رسول ومرسل...
ولكن ما هو السر الحقيقي في هذا التمييز عند الكرامية؟.
أما التفسير الذي أراه أقرب للحقيقة - يقول النشار - فهو أن الكرامية كانت ترمي إلى غرض بعيد، وهو عدم إسباغ القداسة على الرسول في قبره، وعدم شد الرحال إليه، مخالفة في هذا رأي أهل السنة والجماعة، فقررت الكرامية أن النبوة والرسالة كانتا عرضين أو معنيين ألقاهما الله فيه أزلا، ثم أدى رسالته بمفهوم المرسل عند الكرامية، ثم انتهى علمه هو... انتهى الرسول والمرسل والرسالة باقية، فلا إسباغ للقداسة عليه. ويتضح هذا من موقف خلف الكرامية من حقيقة الرسول ووقوفهم أمام قبره. فهم إن تصادف وقوفهم أمامه يسلمون عليه ويقولون: " لقد أديت الرسالة "، ومن عدم اعتبار زيارة الرسول فرضا أو نفلا...
إن الغرض فقط هو حج الكعبة المقدسة، والنفل هل العمرة، إن الكلام كما نعلم أوثق اتصال بالفقه. وقد أثرت الكرامية في سلف المتأخرين، ونادى ابن تيمية بما نادى به الكرامية. واحتضن الحنابلة المتأخرون هذه الآراء، وظهرت على أقوى صورة لدى الوهابيين بعد وأصبحت جزءا من عقائدهم (58).
لقد عاشت الكرامية بعد موت مؤسسها، ثم تلقى المذهب عالم من أكبر علماء السلف وصوفي من أرق الصوفية، هو " الهروي الأنصاري " ثم احتضنها سلفي متأخر ومفكر من أكبر مفكري الإسلام وهو " تقي الدين بن