شهاب الخفاجي والقسطلاني.
فقد ادعى ابن تيمية مثلا بأن الحكاية التي رواها أبو حسن علي بن فهر في كتابه فضائل مالك وأوردها أيضا القاضي عياض في " الشفا " وهي: " أن مالك أمر أبو جعفر المنصور باستقبال قبر النبي (ص) والدعاء عنده "، لا تصح عن مالك وإنما هي مفتراة عليه. والذي دعى الشيخ الحنبلي لقول ذلك ليس التحقيق العلمي. لأن أصحاب مالك يقولون بأن إسناد الرواية صحيح. وليس فيه كذاب أو وضاع. ولكن الشيخ لما ابتدع له مذهبا بعدم تعظيم القبور كان يدفع كل ما يرد عن السلف من أقوال أو أفعال يفهم منها التعظيم. فهو، يقول الشيخ الزرقاني المالكي: إذا لم يجد له شبهه واهية يدفع بها زعمه انتقل إلى دعوى أنه كذب على من نسب إليه، مباهتة ومجازفة وقد أنصف من قال فيه: علمه أكبر من عقله (117). وهكذا تتوالى الردود على الشيخ من طرف علماء وفقهاء المذاهب الأربعة لتبرئة السلف مما يدعيه مذهبا لهم.
إن مذهب الشيخ الحراني عند التحقيق ليس إلا مجمل اجتهاداته وترجيحاته وأفكاره المتباينة، وضعت في قالب سماه وأطلق عليه " مذهب السلف " أو ما كان عليه السلف وهم من عاش في القرون الثلاثة الأولى من تاريخ الإسلام.
* * *