النبي (ص): أن " اقتلوا معاوية إذا رأيتموه على منبري " سيعتبر محاربة معاوية جهادا في سبيل الله وطاعة لرسوله.
ومن وجد أن معاوية هو أمير المؤمنين ومن أهل بيت النبي وطاعته واجبة، كما كان يعتقد أهل الشام، فإنه سيدافع عن حكم معاوية بدمه ويستشهد بين يديه، لأنه إنما ينتصر للحق ويدافع عنه. وقد شهد عدد من كبراء أهل الشام عندما انتصر العباسيون على الأمويين، أنهم لم يكونوا - وأقسموا على ذلك - يعلمون للنبي من ابن عم أو أهل سوى معاوية وأهل بيته.
إن الصراع على عقول الأغلبية، أو محاولة تجييش الجماهير لدعم السلطات القائمة كان من أكبر الهموم والمهمات التي أولتها الحكومات العربية الأهمية الكبرى. كما اجتهدت المعارضة في كسب الناس إليها بدعوى كونها على حق، وأن خصومها على الباطل. وإذا انتخبت المعارضة قوله تعالى: * (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) * (4). وأن لا بد من إعلان الجهاد في وجه الكافر. فإن السلطة القائمة قد اختارت من القرآن قوله تعالى: * (أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم...) * (5).
أما الاستشهاد بالحديث النبوي فحدث ولا حرج. وهذا الأسلوب في الصراع التاريخي بين الحكومة والمعارضة الدينية بالخصوص، سيبقى هو هو، لم ولن يتغير في عالمنا الإسلامي المعاصر، ونحن نشرف على نهاية القرن العشرين.
لذلك لا نعدو الحقيقة إذا قلنا بأن الحكومات الإسلامية قد اصطنعت لها مذاهب فقهية وأصولية، كما أن المعارضة أنتجت لها مذاهب فقهية وأصولية كذلك. فللحكومة مذهبها الإسلامي الذي يدعمها ويؤمن لها الشرعية في الماضي والحاضر، وللمعارضة كذلك عقائدها التي تنطلق منها وتبرر تصرفها.