ومعاونتهم والركون إليهم (10).
أما مذهب الشافعي فيكفينا قول السبكي وهو من فقهاء الشافعية، في طبقاته عن مصر والشام: " هذان الإقليمان مركز ملك الشافعية، منذ ظهر المذهب الشافعي، اليد العالية لأصحابه في هذه البلاد، لا يكون القضاء والخطابة في غيرهم. أما الشام فقد كان مذهب الأوزاعي حتى ولي القضاء أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقي الشافعي. ويقول: كان (محمد بن عثمان) رجلا رئيسا، يقال إنه هو الذي أدخل مذهب الشافعي إلى دمشق، وإنه كان يهب لمن يحفظ مختصر المزني منه مائة دينار " (11). كما نجد أن مذهب الشافعي ارتبط بكثير من المدارس الحكومية التي بنيت لتدريسه وأشهرها نظامية بغداد، وقد تخرج منها كبار فقهاء وعلماء الشافعية.
أما المذهب الحنبلي، وهو موضوع هذه الدراسة فإنه كان الأقل انتشارا بين المذاهب الفقهية لعوامل كثيرة سنعرض لها لاحقا. يمكن تلخيصها في خشونة أصحابه وإفراطهم في إشعال الفتن المذهبية، وهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر كما يرون ويعتقدون. كما أن المذهب الحنبلي جاء متأخرا في تكوينه وتكامله، كما لم يعترف كثير من العلماء بكون أحمد بن حنبل فقيها، وإنما عرف لديهم كمحدث فقط. لذلك لم يتقدم أصحابه للقضاء ولم تعرض الحكومات عليهم هذا المنصب إلا في سنين متأخرة. كانت المذاهب الفقهية الأخرى قد انتشرت واستحوذ تقليدها على أغلب فئات العامة.
يقول ابن خلدون: أما أحمد بن حنبل فمقلده قليل لبعد مذهبه عن الاجتهاد وأصالته في معاضدة الرواية والأخبار بعضها ببعض. وأكثرهم بالشام والعراق من بغداد ونواحيها، وهم أكثر الناس حفظا للسنة ورواية للحديث