الإسلامي. كما أن أول قضية اختلف حولها المسلمون الأوائل من الصحابة كانت مسألة الخلافة أو الإمارة. وإذا كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها كما أعلن الخليفة الثاني " عمر بن الخطاب "، فإن خلافة عثمان قد جلبت الفتن للمجتمع الإسلامي. فانتثر عقد الوحدة الإسلامية الذي لم يستطع الإمام علي بن أبي طالب أن يعيده إلى ما كان عليه، فاستشهد عليه السلام وقلبه تملأه الحسرة والألم. ومع موته تولى زمن ما سمي ب " الخلافة الراشدة " إلى غير رجعة. ونط القردة على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وامتلكوا مقدرات الأمة الفتية بعدما سالت أنهار من الدماء. وراحوا يوجهون الأمة الإسلامية عكس ما أراد لها الرسول وأصحابه الذين تحملوا في سبيل الدين الجديد المحن والشدائد العظيمة.
ولقد صدق ذلك الصحابي أو التابعي عندما قال: - في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي، والي الأمويين على العراق - وهو يقرأ قوله تعالى: * (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا...) * قال: كان ذلك على زمن رسول الله، أما الآن فإنهم يخرجون منه أفواجا.
لقد بدأ عصر الانحراف الكبير مع وصول الأمويين إلى سدة الحكم. وإذا كان بعض المتدينين والعلماء قد شكك في شرعية حكمهم - أي الأمويين -.
فإنهم قد حاولوا تجاوز هذا التشكيك بتحريف وتزوير كل النصوص والأحاديث التي تقدح في حكمهم، أو تنفي الشرعية عنهم. وبذلك أخفيت نصوص وأحاديث تؤيد هذا الاتجاه. وأعلن الأمويون البراءة ممن يحدث بها، وأن دمه وماله حلال إن هو تكلم بها أو رواها.
في المقابل تقدم عدد من الأعراب وأعطوا المال الجزيل للرواية عن الرسول ووضع الأحاديث على لسانه، دعما لرغبات ملوك بني أمية وأهوائهم. وشارك في ذلك عدد ممن عرفوا بصحبتهم للرسول، حيث باعوا دينهم بأبخس الأثمان. فانتشرت حركة الوضع، وكثر الرواة الكذبة، ودخل الحديث النبوي