علي بوصيتها ودفنها ليلا.
إن الانتصار لأبناء علي واحترامهم من طرف المأمون والمعتصم والواثق سيغير من نظرة المجتمع نحوهم وهذا سيظهر جليا عندما سيعلن الإمام أحمد بن حنبل التربيع بعلي، أي كونه الخليفة الرابع، فقد كان جل أهل الحديث قبله عثمانية لا يعترفون بخلافة الإمام علي. وهذه من عقائد الأمويين التي تسربت لأهل الحديث فاعتنقوها ودافعوا عنها حتى نقضها أحمد، يقول وزيرة بن محمد الحمصي: دخلت على أبي عبد الله أحمد بن حنبل حين أظهر التربيع بعلي رضي الله عنه فقلت: يا أبا عبد الله إن هذه اللفظة توجب الطعن على طلحة والزبير فقال: بئس ما قلت وما نحن وحرب القوم وذكرها؟
فقلت أصلحك الله إنما ذكرناها حين ربعت بعلي وأوجبت له الخلافة وما يجب للأئمة قبله. فقال لي: وما يمنعنا من ذلك؟ قال: قلت: حديث ابن عمر: فقال لي: عمر خير من ابنه قد رضي عليا للخلافة على المسلمين و أدخله في الشورى. وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قد سمى نفسه أمير المؤمنين فأقول أنا ليس بأمير المؤمنين؟ فانصرفت عنه. (23).
وهذا الحوار الذي دار بين أحمد وبين أحد أصحابه من أهل الحديث، يظهر لنا مدى الانحراف الذي أصاب الإسلام، حتى يعترف رجال الحديث بخلافة ابن الطليق معاوية بن أبي سفيان الذي يشك أهل التحقيق في إيمانه.
وقد أمر المأمون بلعنه لما وصل عنه من أخبار تنم عن كفره. لكنه الحشو وعقائده التي جعلت من الكافر مؤمنا ومن المؤمن فاسقا، لذلك نعتقد أن حركة المأمون هذه لرد الاعتبار للعلويين ولأئمتهم ولفاطمة الزهراء عليها السلام قد جعلت بعضا من رجال الحديث يعيدون النظر في معتقداتهم وما يرووه في مدح خصوم أهل البيت وتقديمهم. وقد قام أحمد بن حنبل