الحقيقي عن عقائد القوم ومذاهبهم. فقلة البضاعة في هذا الباب تعني الخلط والخبط والتجني، وما يسببه ذلك من إرباك لدى القارئ المتوسط الاطلاع.
وقد وقفت يوما مندهشا وأنا أقرأ كتابا لأحدهم يتكلم عن فرقة إسلامية ويذكر لها كتبا ومحافل دولية، ولما راجعت عناوين تلك الكتب وأسماء تلك المحافل وجدتها لفرقة مسيحية - يهودية مشبوهة تدعى " شهود يهوه ". إن عدم الاطلاع المتكامل على موضوع البحث ونشدان الحق في كل ما يكتب، يؤدي إلى انتشار معلومات خاطئة لدى الناس عن بعضهم البعض مما يعمق الكراهية والأحقاد. ويكون سببا في الحروب المذهبية والطائفية.
لذلك حرصنا في بداية بحثنا على تحديد المفاهيم الموضوعية لمصطلحات " السلفية "، " أهل السنة والجماعة " " الشيعة الإمامية ". وبيان مدلولاتها ومصاديقها العقائدية والفكرية، في إيجاز نرجو أن لا يكون قد أخل بالمطلوب، لأن الإطناب في ذلك يخرجنا على خطة البحث، ولأننا سنناقش عقائد هذه الفرق وما تدعوا له في الفصول التالية.
والنتيجة التي توصلنا إليها وأردناها، هي تحديد مفهوم كل من " السلفية " أولا، وأنه تيار أو فرقة متميزة في التاريخ الإسلامي. كما بينا أن مصطلح " أهل السنة " قد عرف تطورا في مدلوله، فهو كان يقصد به أولا المشتغلين بجمع الحديث النبوي وروايته والاهتمام به. أما المدلول الاصطلاحي الجديد الذي سيعرفه وسينتهي عنده، فهو كونه أصبح شعارا لمدرسة كلامية في الأصول، ومنحصرة في ما توصل إليه كل من أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي وأتباعهما من العلماء.
فإذا أطلق لفظ أو مصطلح " أهل السنة والجماعة " فإنه يعني تحديدا، هذه المدرسة وأتباعها. وبهذا التحديد ظهر الفرق بين هذه المدرسة وعقائدها والمدرسة " السلفية " وعقائدها، التي كشف البحث والتحقيق أنها - أي السلفية - ليست سوى مجمل آراء ابن تيمية خاصة وشروح تلميذه ابن قيم