سوق المزايدة، فهذا حديث يروى بألف درهم، وآخر يروى مقابل مائة ألف درهم. لذلك ذهب المحققون من علماء الحديث إلى أن أغلب ما روي في فضائل الصحابة وخصوصا الخلفاء الثلاثة وبني أمية، إنما صنع واختلق في تلك الحقبة. وأن أغلبه له يصح ولا يثبت أمام الجرح والتعديل، لأن مضامينه مختلفة ومتناقضة. كما أن صبغة المبالغة والتطرف في الخيال بارزة في عدد كبير من هذه الأحاديث والروايات.
لكن - ومع كامل الأسف والحسرة - فإن حركة الوضع لم تقتصر على القضايا السياسية وما يرتبط بها، بل ستتعداها لتشمل جل القضايا الدينية، الفرعية منها والأصولية. وكثرت بذلك الروايات المختلفة والمتناقضة عن الرسول في المسألة الواحدة. فبعضهم يروي بأنه (ص) مسح على رجليه عند الوضوء، والآخر يختلف معه ويأتي برواية تفيد بأن الرسول (ص) قد غسل رجليه. والبعض الآخر يقول كان الرسول يصلي واضعا يده اليمنى على اليسرى، وغيره ينفي ذلك ويقول إنما شوهد عليه الصلاة والسلام مسبلا يديه في الصلاة.
اجتمع الأوزاعي بأبي حنيفة بمكة فقال الأوزاعي ما بالكم ترفعون أيديكم عند الركوع والرفع منه؟ فقال أبو حنيفة لم يصح عن رسول الله في ذلك شئ. فقال الأوزاعي كيف وقد حدثني الزهري عن سالم عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه، فقال أبو حنيفة حدثنا حماد عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه إلا عند افتتاح الصلاة ولا يعود لشئ من ذلك فقال الأوزاعي: أحدثك عن الزهري عن سالم عن أبيه وتقول حدثني حماد عن إبراهيم؟ فقال له أبو حنيفة: كان حماد أفقه من الزهري وكان إبراهيم أفقه من سالم وعلقمة ليس بدون ابن عمر إن كان لابن عمر صحبة أو له فضل صحبة، فالأسود له فضل كثير