ردهم نحن نكذب له لا عليه، وإنما نأتي بهذه الأحاديث ترغيبا للعامة في الزهد والتدين ليس إلا.
لقد أثمرت جهود بعض العلماء والفقهاء بعد انطلاق حركة تدوين الحديث في إيجاد مناهج ووسائل شبه علمية لكشف صحيح الحديث من سقيمه، وبيان مراتبه من الضعف والصحة. لكن نتائج هذه المناهج قد بولغ في إيجابياتها كثيرا، لأنها لم تستطع أن تكشف كل ما وضع عن الرسول (ص) ولم يقله. وبقيت أغلب المسانيد وكتب الحديث تحتوي على الضعيف والموضوع. وإن قال أصحابها أنهم لم يجمعوا في بعضها إلا ما صح لديهم. إلا أن هذه المشكلة ستظل قائمة. وقد خبر علماء هذا الميدان حجم المشاكل التي تعترضهم في هذا التحقيق.
فقد يستطيع المحدث والعالم بالجرح والتعديل أن يثبت صحة الحديث من عدمه، وذلك عندما يقطع بصحة سنده، وأن الحديث لا شك مروي عن الرسول، سمعه منه الثقات وحمله الثقات إلى أن وصل إلينا لكن الفقيه أو المفكر، وخصوصا المختص في العقائد قد لا يأخذ بمتن ومحتوى هذا الحديث.
بل يضرب به عرض الحائط ويجزم بأنه مكذوب على الرسول لا محالة لأن مضمونه مخالف لأبسط المبادئ العقلية الثابتة، أو مخالف لنواميس الطبيعة بشكل واضح وصريح. ولو كان من عند الرسول فهو من عند الله طبعا.
وما يقوله الله سبحانه وتعالى لا يخالف بالضرورة نواميس الطبيعة وما اتفق العقلاء على أنه حق. مثلا أحاديث التجسيم والتشبيه الصريح فقد يدعي بعض المحدثين صحة سندها. لكن مضمونها يخالف آية محكمة من كتاب الله تعالى. وعليه يحكم على الحديث بالوضع، لأن لا اختلاف في الوحي فالقرآن وحي والسنة وحي وكل من عند الله سبحانه وتعالى إن هذا المبحث عميق ومشكل وقد ألفت فيه المؤلفات الكثيرة، وتناوله العلماء بالأخذ والرد. ولسنا الآن بصدد مناقشة تفاصيله، وإنما عرجنا عليه