وسلاما، ومن أبي عذب، أخرجه البزار من حديث أنس وأبي سعيد، وأخرجه الطبراني من حديث معاذ بن جبل. وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ومن مات في الفترة من طرق صحيحة، وحكى البيهقي في كتاب الاعتقاد أنه المذهب الصحيح، وتعقب بأن الآخرة ليست دار تكليف فلا عمل فيها ولا ابتلاء، وأجيب بأن ذلك بعد أن يقع الاستقرار في الجنة أو النار (57)، وأما في عرصات القيامة فلا مانع من ذلك، وقد قال الله تعالى * (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) * وفي الصحيحين (إن الناس يؤمرون بالسجود، فيصير ظهر المنافق طبقا فلا يستطيع أن يسجد)].
وعلى فرض صحة أحاديث الابتلاء والامتحان هذه يوم القيامة فقد قال الحافظ ابن حجر كما نقل عنه الحافظ السيوطي في رسالته (مسالك الحنفا في والدي المصطفى) المطبوعة في كتاب الحاوي (2 / 207):
(الظن بآبائه ص كلهم يطيعون عند الامتحان لتقر بهم عينه ص).
وبعد أن فندنا في حواشي هذه الورقات رأي من قال بالامتحان يوم القيامة نقول:
لقد نص جماعة من المحققين أيضا على أن حديث الامتحان مخالف لقواعد الدين منهم الإمام الحليمي شيخ الإمام البيهقي فقد نقل عنه الإمام القرطبي في (التذكرة) (2 / 611) أنه قال:
(قال الحليمي: وهذا الحديث ليس بثابت وهو مخالف لأصول المسلمين، لأن الآخرة ليست بدار امتحان فإن المعرفة بالله تعالى فيها تكون ضرورة ولا محنة مع الضرورة، ولأن الأطفال هناك لا يخلوا من أن يكونوا عقلاء أو غير عقلاء، فإن كانوا مضطرين إلى المعرفة فلا يليق بأحوالهم المحنة، وإن كانوا غير عقلاء فهم من المحنة أبعد).