وقال الإمام الغزالي في (المستصفى) (2 / 186): (ما يقتبس من الألفاظ لا من حيث صيغتها بل من حيث فحواها وإشارتها وهي خمسة أضرب: الضرب الأول:
ما يسمى اقتضاء، وهو الذي لا يدل عليه اللفظ ولا يكون منطوقا به، ولكن يكون من ضرورة اللفظ إما من حيث لا يمكن كون المتكلم صادقا إلا به، أو من حيث يمتنع وجود الملفوظ شرعا إلا به، أو من حيث يمتنع ثبوته عقلا إلا به...).
تمثيل اللازم البعيد واللازم القريب:
مثال اللازم القريب: إذا قلنا لعالم في علم الحديث: هل يحتج بحديث القاسم بن عبد الواحد؟ فقال لنا: يحتج بحديث سفيان وشعبة. فدل هذا على أنه لا يحتج بالقاسم بن عبد الواحد لأنه لازم كلامه. [أنظر (تهذيب التهذيب) (8 / 291) و (الجرح والتعديل) (7 / 114)].
ومثال اللازم البعيد: أنك إذا قلت: زيد عالم فإنه لا يلزم من ذلك أن غيره ليس بعالم.
وهذا الأمر يسمى في علم الأصول كما قال الإمام الغزالي في المستصفى (2 / 190):
(فهم غير المنطوق به من المنطوق بدلالة سياق الكلام ومقصوده، كفهم تحريم الشتم والقتل والضرب من قوله تعالى * (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما) * وفهم تحريم مال اليتيم وإحراقه وإهلاكه من قوله تعالى * (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) *..... فإن قيل هذا من قبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى!! قلنا: لا حجر في هذه التسمية، لكن يشترط أن يفهم أن مجرد ذكر الأدنى لا يحصل هذا التنبيه ما لم يفهم الكلام وما سيق له، فلولا معرفتنا بأن الآية سيقت لتعظيم الوالدين واحترامهما لما فهمنا منع الضرب والقتل من منع التأفيف، إذ قد يقول السلطان إذا أمر بقتل ملك لا تقل