قلت: من كلامه هذا يتبين أن السلف اختلفوا في تأويل هذه الآية، وهذا يثبت لنا أمرين اثنين:
الأول: إثبات التأويل عند السلف. والثاني: اختلاف السلف في مسائل عقائدية تتعلق بصفات الله تعالى.
دليل هذه القاعدة:
وقال ابن جرير هناك أيضا ضمن عرضه لمذاهب السلف في هذه القضية:
[وقال آخرون: قوله * (إنما نحن مستهزؤون الله يستهزئ بهم) * وقوله * (يخادعون الله وهو خادعهم) * وقوله * (فيسخرون منهم سخر الله منهم) * و * (نسوا الله فنسيهم) * وما أشبه ذلك أخبار من الله أنه مجازيهم جزاء الاستهزاء ومعاقبهم عقوبة الخداع، فأخرج خبره عن جزائه إياهم وعقابه لهم مخرج خبره عن فعلهم الذي عليه استحقوا العقاب في اللفظ، وإن اختلف المعنيان، كما قال جل ثناؤه: * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * ومعلوم أن الأولى من صاحبها سيئة، إذ كانت منه لله تبارك وتعالى معصية، وأما الأخرى فعدل (155) لأنها من الله جزاء للعاصي على المعصية فهما وإن اتفق لفظاهما (لكنهما) (156) مختلفا المعنى، وكذلك قوله * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) * فالعدوان الأول ظلم والثاني جزاء لا ظلم، بل هو عدل، لأنه عقوبة للظالم على ظلمه وإن وافق لفظه لفظ الأول، وإلى هذا المعنى وجهوا كل ما في القرآن من نظائر ذلك مما هو خبر عن مكر الله جل وعز بقوم، وما أشبه ذلك] انتهى كلام الإمام ابن جرير الطبري المراد نقله.
[قاعدة أخرى]: زعم بعض المشبهة أن إطلاق صفة على شئ ما، يدل على أن هذه الصفة هي أصلا من صفات ذلك الشئ، وإلا لما جاز