قلت: فهؤلاء بعض من كان مع سيدنا معاذ حين بعثه ص إلى اليمن من المسؤولين ما عدا الآخرين الذين كانوا أيضا بصحبته، والمترددين من أهل اليمن بين بلادهم والمدينة ممن نقل أصل الدعوة وأصول التوحيد والعقيدة إلى تلك البلاد كالأشعريين الذين منهم أبو موسى الأشعري وأصحابه، فأين هذا عن عقل من يتخيل أن سيدنا معاذا ركب جملا وحده وذهب مبعوثا فريدا إلى اليمن من علمه بنهي النبي ص عن سفر الرجل وحده؟!
روى البخاري في (الصحيح) (6 / 138): من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده).
وأزيد مؤكدا على أن النبي ص لم يبعث إلى ناحية من النواحي رجلا واحدا وإنما كان يبعث بعثا - عددا من الصحابة - وإنما كان يسمى الرجل الواحد منهم لأنه أمير ذلك البعث بدليل ما رواه الإمام أحمد في مسنده (5 / 356) أثناء قصة عن بريدة قال:
(بعث رسول الله ص بعثين إلى اليمن، على أحدهما علي بن أبي طالب...) وإسناده حسن، وفيه تأكيد أيضا على أن سيدنا معاذا كان في بعث - أي جماعة - لما ذهب ولم يكن وحده، فبطل استدلال من يستدل بقصته في خبر الآحاد والحمد لله.
وهل بعد هذا البيان والايضاح يصح لعاقل أن يستدل على أن خبر الواحد يفيد العلم أو نحو هذه المغالطات بقصة سيدنا معاذ رضي الله عنه؟!