جملة من العبادات بالطهارة مع تبائن مصالحها، فتدبر جيدا.
ومما ذكرنا تبين أن جواز الاقتداء مع الاختلاف في الرأي مبني على الموضوعية، وعدمه على الطريقية المحضة لا أن كلا منهما له حكم ظاهري في عرض واحد فليس لأحدهما الحكم ببطلان صلاة الآخر فإن المراد من الحكم الظاهري إن كان هو الحكم الحقيقي المبني على الموضوعية فصلاة الإمام صحيحة منه حتى في نظر المأموم، وإنما لا يصح من المأموم لعدم اندراجه في الموضوع المندرج فيه الإمام، وإن كان هو الحكم الطريقي فصلاة الإمام باطلة في نظر المأموم لقيام الحجة الناظرة إلى الاقتداء بمن يأتي بغير الواقع.
وينبغي التنبيه على أمور الأول: أن ما ذكرنا فيما إذا كان الإمام يستند في عمله إلى رأيه الحاصل له بمقدمات صحيحة فهو مورد الحكم الظاهري، وأما إذا كان مستندا إلى عمله من باب الاتفاق مع خطأه في نظر المأموم، فلا يجوز الاقتداء به لأنه في الحقيقة لا أمر له شرعا، بل توهم الأمر ويجب عليه الإعادة والقضاء بعد التفاته اتفاقا، فالميزان في جواز الاقتداء وعدمه الاستناد إلى الحجة الشرعية وعدمه لا قيام العلم عند المأموم أو قيام الحجة بتوهم عدم جواز الاقتداء على الأول دون الثاني.
الثاني: ربما يستثنى من كلية جواز الاقتداء بمن يصلي صلاة صحيحة بحسب تكليفه ما إذا كانت القراءة مورد الاختلاف كما إذا كان الإمام لا يرى وجوب السورة والمأموم يرى وجوبه، أو الإمام لا يرى لزوم المد والادغام في مورد والمأموم يرى لزومهما، نظرا إلى أن قراءة المأموم المشتملة على سورة و على المد والادغام لم يخرج الإمام عن عهدتهما بخلاف جلسة الاستراحة مثلا فإنها ليست في ضمان الإمام حتى إذا تركها يخل تركها بصلاة المأموم الآتي بها. وقد تقدم وسيأتي إن شاء الله تعالى أنا لا نتعقل من ضمان الإمام لقراءة المأموم إلا سقوطها عنه إذا اقتدى بصلاة صحيحة من الإمام، إذ الواجب على المصلي ليس مباشرة القراءة أو إيكالها إلى الإمام حتى لا يمكن إيكالها إلى من لا يأتي بها كما يجب على مباشرها بل تجب عليه القراءة بالمباشرة في صورة الانفراد ولا يجب عليه في الجماعة لاجتزاء الشارع