سيظهر إن شاء الله تعالى وجهه.
وقبل الخوض في ذلك ينبغي بيان أن حقيقة الجماعة متقومة بالمتابعة العملية كما ربما يستظهر من تقوم مفهوم الائتمام والاقتداء بها، أو الائتمام المحقق للجماعة أمر والمتابعة العملية أمر آخر، ونسبتها إليه نسبة الوفاء إلى العقد ذهب بعض أعلام (1) العصر (قدس سره) إلى الأول واستنتج من ذلك شرطية المتابعة فبطل القدوة في ذلك الفعل الذي لم يتابع فيه دون سابقه ولا حقه، وعمدة مستنده في ذلك ما أشرنا إليه من أن المتابعة العملية مأخوذة في مفهوم الاقتداء والائتمام.
ونظيره ما عن الشيخ الأجل (2) (قدس سره) من أن " جميع ما يعتبر شرطا في الجماعة خارج عن حقيقتها إلا المتابعة فإنها مأخوذة في مفهومها " ولو صح ما ذكر لكان الأمر أعظم من الوجوب الشرطي لأن مقتضاه المقومية وتقوم الاقتداء بالمتابعة العملية دون الشرطية المبنية على مغايرة الشرط لمشروطه.
ويندفع: أولا: بأن الاقتداء والائتمام وإن كان متقوما بالمتابعة وكون أحدهما إماما والآخر مأموما، إلا أن الملحوظ في أصل انعقاد الجماعة، مجرد ربط صلاته بصلاة الإمام وكونه تابعا له في الصلاة ولذا لا شبهة في أنه تنعقد الجماعة إذا أدركه في الركوع مثلا فكبر ناويا بهذا الاقتداء، فإنه لا تبعية له في التكبيرة وليس الإمام حال صدور التكبير منه إماما له ولا هذا المكبر فعلا مأموما له، فليست الإمامة والمأمومية إلا فعلا ولا معنى له فعلا إلا " ربط صلاته بصلاته " وإن كان أحدهما في ركوع الصلاة والآخر في تكبيرتها، فلهما المعية في الصلاة وهو القدر الجامع بين تمام أنحاء الاقتداء. بل لو تأملت جيدا لوجدت الأمر كذلك في جل الموارد، فإن المأموم إذا كبر بعد تكبيرة الإمام بلا فصل لا يكون أيضا مقتديا إلا في الصلاة لا في التكبيرة لأن الإمامة والمأمومية متضائفتان وهما معنيان غير مستقلين بالتحصل بل لا بد من الإضافة إلى أمر وليس وهو إلا الصلاة دون التكبيرة لأن المتضائفين