الدعاء، وتعرج الملائكة والروح إليه، ويعرج محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم - إليه، وتنزل الملائكة من عنده، وينزل منه القرآن، ونحو ذلك من اللوازم التي نطق بها الكتاب والسنة وما كان في معناها. قيل له: لا نسلم انتفاء هذا اللازم " (1).
ويقول: " وقد بسط الكلام على هذه الأمور في مواضع، وبين أن ما ينفيه نفاة الصفات التي نطق بها الكتاب والسنة من علو الله على خلقه وغير ذلك، كما أنه لم ينطق به كتاب ولا سنة ولا قال بقولهم أحد من المرسلين ولا الصحابة والتابعين، فلم يدل عليه أيضا دليل عقلي، بل الأدلة العقلية الصريحة موافقة للأدلة السمعية الصحيحة... وأما الرسل - صلوات الله عليهم أجمعين - فيثبتون إثباتا مفصلا وينفون نفيا مجملا، يثبتون الصفات على التفصيل وينفون عنه التمثيل، وقد علم أن التوراة مملوأة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيما، ومع ذلك فلم ينكر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - وأصحابه على اليهود شيئا من ذلك، ولا قالوا: أنتم تجسمون، بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا من الصفات أقرهم الرسول، وذكر ما يصدقه، كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب للسماوات والأرض المذكور في تفسير قوله تعالى (وما قدروا الله حق قدره) الآية. وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه، من حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما، فلو قدر أن النفي حق فالرسل لم تخبر به ولم توجب على الناس اعتقاده وواجبه، فقد علم بالاضطرار أن دينهم مخالف لدين النبي صلى الله