يهدم هنا أول البراهين التي اهتدينا بها إلى وجوب وجود الله.. ذلك حقيقة حدوث العالم بأسره.. فكل ما سوى الله حادث مخلوق.. أحدث بعد عدم، وهل ثم تعجب من نقل ابن حزم الإجماع على كفر هذه الشرذمة.... وكذا نقل الإمام الزركشي في كتابه (تشنيف المسامع) كفر من يقول بأزلية نوع العالم وحدوث أفراده.. وكفر من يقول بأزلية العالم نوعه وأفراده، وكذا القاضي عياض في الشفاء، وغيرهم؟
وقد قال السبكي في ابن تيمية: " جعل الحادث قديما والقديم محدثا " يعنى بالثاني إثبات ابن تيمية ما يستلزم حدوث الله تعالى.. من القول بالحيز والمكان والحد والجسمية وقيام الحوادث بذاته -.. ثم قال السبكي " ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل ولا نحلة من النحل، فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين التي افترقت عليها الأمة.. ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة.. وكل ذلك وإن كان كفرا شنيعا مما تقل جملته بالنسبة إلى ما أحدث في الفروع... " ذكر السبكي ذلك في مقدمة (الدرة المضية).
ويقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري:
".. قوله (كان الله ولم يكن شئ قبله) تقدم في بدء الخلق بلفظ (ولم يكن شئ غيره) وفي رواية أبي معاوية: كان الله قبل كل شئ، وهو بمعنى كان الله ولا شئ معه، وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية، ووقفت في كلام له على هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب على غيرها، مع أن قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه على التي في بدء الخلق لا العكس، والجمع مقدم على