وأما آية حرمة الأكل بالباطل: فدلالتها على ثبوت الخيار من حيث إن حرمة أكل الغابن بعد رد المغبون كاشفة عن نفوذ رده، ونفوذ رده لا يكون بلا استحقاق للرد، فالرد وإن كان بعد الالتفات إلى النقص إلا أن الحق لا يعقل أن يكون بعد الرد المتوقف على الالتفات، بل بنحو الكاشفية عن سبق حق الرد، وإلا لزم الدور.
وأما ما ورد في تلقي الركبان من أن صاحبها بالخيار إذا دخل السوق، نظرا إلى أنه به يظهر الغبن، وإلا فعدم دخل دخول السوق بما هو في ثبوت الخيار أوضح من أن يخفى.
فقد أجاب عنه شيخنا الأستاذ (قدس سره) في تعليقة المباركة (1) بما محصله: أن الخيار إذا لم يكن معلقا على نفس دخول السوق فدخول السوق إما سبب تبين الخيار بالغبن، أو سبب تبين الخيار بظهور الغبن به، ولا معين للثاني حتى يكون دليلا على شرطية ظهور الغبن شرعا.
ولا يخفى أن دخول السوق وإن أمكن فيه الأمران إلا أن العبارة المتكفلة للخيار معلقا على دخول السوق لا يحتمله، إذ لا يعقل تعليق الخيار على تبين الخيار، بل المعقول تعليقه على تبين الغبن.
فالأولى في الجواب عنه ما هو الجواب عن جملة من الكلمات الظاهرة في شرطية الظهور، من تعارف التعبير عن تحقق الشئ بظهوره وكشفه، حيث لا يترتب الأثر نوعا إلا على تقدير انكشافه، فالظهور والتبين طريقي محض، لا أنه جزء الموضوع، ولذا لا شبهة في أن هذا الخيار كسائر الحقوق ينتقل إلى الوارث قبل ظهور الغبن، ولا معنى لانتقال غير الملك والحق إلى الوارث.
وأما مسألة تصرفات الغابن قبل علم المغبون، فإن كانت صحتها محل الوفاق - مع أن صحة التصرفات من غير ذي الخيار في زمان الخيار محل الخلاف - فلا محالة يكشف عن أن ما قبل العلم بالغبن ليس من أزمنة الخيار، وكذا أن حكم شخص واحد - ببطلان تصرف غير ذي الخيار، وبصحة التصرف هنا قبل العلم - يظهر منه أنه