ولو فرض عكس هذه المسألة، كما لو كان تصرف المالك حرجا على الغير وعدمه ضررا على المالك، فيصير الأمر بالعكس أي ينحصر المورد بلا حرج ولا يجري لا ضرر.
وإن شئت قلت: إن هذا الشرط يرجع إلى منع الصغرى، وحاصله عدم إمكان تعارض لا ضرر مع لا حرج.
الثاني: أن يكون لا حرج ناظرا إلى لا ضرر، ومعنى النظر أن يكون الحكم في طرف المحكوم مفروض التحقق حتى يكون الحاكم ناظرا إلى الحكم الثابت في المحكوم.
وأما لو كان كل منهما في عرض الآخر، ولا أولوية لفرض تحقق أحدهما قبل الآخر فلا معنى للحكومة.
وبالجملة: لا وجه لجعل " لا حرج " حاكما على " لا ضرر " فلا يمكن علاج التعارض بالحكومة، كما أنه لا يمكن علاجه بتقديم لا ضرر على لا حرج مطلقا من باب أن مورد الضرر أقل من الحرج، لأن كل ضرري حرجي ولا عكس.
فإنه أولا: أقلية المورد موجب للترجيح فيما إذا كان المتعارضان متضادين لا مثل المقام الذي يتوافقان غالبا، فإنه لو قدم دليل لا حرج على لا ضرر لا يلزم بقاء لا ضرر بلا مورد، لكفاية المورد فيما كان الأمر ضرريا أيضا كغالب الموارد، بل جميعها سوى مورد الدوران بين الحرج والضرر كالأمثلة المذكورة.
وثانيا: بناء على ما عرفت من أن الحرج هو المشقة في الجوارح لا في الروح، فقد يكون الشئ ضرريا كالنقص في المال ولا يكون حرجيا. فقولك: كل ضرري حرجي ولا عكس، غير صحيح.
وعلى هذا فيقتضي عدم تسلط المالك في الصورة الثانية أيضا فضلا عن الصورة الثالثة، لما عرفت من أن قاعدة السلطنة من إحدى القواعد العامة محكومة بلا ضرر.
ثم إنه لا يمكن إدراج الصورة الأولى فيما يقال: إنه لا يجب تحمل الضرر