مالكا ادعاء - مصححة للقصد المعاوضي فقط، لا للتسليم الخارجي أيضا، وذلك لأن الجهات والعناوين يمكن أن تكون موضوعات للأمور الاعتبارية، كالأحكام الشرعية والإنشاءات المعاملية، فينشئ المشتري مع الغاصب بما أنه مالك. وبهذا اللحاظ تصح إجازة المغصوب منه وتنفذ، إلا أن هذه الجهات لا يمكن أن تكون موضوعات للأمور الخارجية فإنها لا تتغير بالقصد والخيال، فلو ضرب أحدا لكونه عدوا وقع الضرب عليه ولو كان صديقا. فتسليم المشتري الثمن إلى الغاصب لكونه مالكا لا يجعل المسلم إليه هو المالك الحقيقي، بل المسلط هو شخص الغاصب، وكونه مالكا جهة تعليلية فلا يمكن تضمين الغاصب بهذا الدفع، لأن المفروض أن الضمان المعاوضي مع المالك، وفي مال واحد لا يمكن جعل ضمانين، فالتسليم إليه كالتسليم إلى الأجنبي، فإذا تلف المال عنده لا يضمن، لأن نفس التسليط الخارجي يرفع ضمان اليد، فلا تنافي بين كون طرف المعاوضة هو الغاصب لكونه مالكا وعدم كونه ضامنا في صورة التلف السماوي.
نعم، يضمنه في صورة الإتلاف، لأن التسليم غير موجب لجواز التصرف تكليفا ووضعا، إلا إذا أذن له في الإتلاف. كما لا شبهة في جواز الاسترداد منه إذا كان باقيا عنده، لأن التسليم لا يزيد من الهبة المجانية.
فتلخص مما ذكرنا: صحة ما أفتى به المشهور من عدم ضمان الغاصب إذا تلف الثمن عنده بتلف سماوي، وجواز إجازة المغصوب منه أصل البيع وفروعه.
وفساد ما ذهب إليه بعض (1) من عدم جواز استرداد الثمن منه ولو كان باقيا عنده.
وظهر أيضا: عدم جواز تصرف الغاصب فيه وضعا وتكليفا، وكل ذلك ليس إلا لأن الغاصب من حيث جهة المعاملة بمنزلة المالك، ومن حيث التسليم إليه بمنزلة الأجنبي واسطة في إيصال الثمن إلى المالك، فلو تلف عنده من غير تفريط لا ضمان عليه.