وكيف كان لا منافاة بين الإجازة وتأثير الإجازة، لأن حكمها حكم استيفاء نفس البائع المنفعة. والظاهر أن وجه التأمل في قوله (قدس سره): " فتأمل " (1) هو عدم الفرق.
بقي الكلام في حكم الرهن، ونحن في الدورة السابقة قوينا إلحاقه بالإجارة، لأنه ليس من التصرفات الناقلة للعين ولا المتلفة لها فلا يفوت به محل الإجازة.
ولكن الأقوى إلحاقه بهما (2) للتنافي بين كون المبيع للمشتري من حين العقد وصحة رهن المجيز، فإن رهن مال غير المديون إنما يصح إذا رهنه نفس المالك بالمباشرة أو بالإذن منه، وأما إذا رهنه غيره: فإما أن يبطل الرهانة وإما الإجازة، والمفروض صحة الرهن فلا محل للإجازة.
ولا يقال: لا مانع من تعلق إجازة المجيز بما رهنه، غاية الأمر أنه يصير فضوليا، ويتوقف نفوذه على إجازة المجاز له.
لأنا نقول: لا معنى لكون رهن المجيز فضوليا إلا إذا كان المال ملكا للمجاز له من غير جهة إجازة المجيز، وأما لو فرض أنه بالإجازة ينكشف أنه مالك فكاشفيتها تتوقف على عدم تصرفه في المال على نحو يخرجه عن الطلقية.
وبعبارة أخرى: كون المجيز هو الراهن ينافي إجازته، ولا شبهة أنه قبل الإجازة كان هو الراهن، فكيف ينقلب الأمر بالإجازة ويصير المجاز له هو الراهن؟ ولو صح ذلك لجرى في البيع ونحوه.
وعلى هذا فلا يصح الإجازة من مالك العبد الجاني في بعض فروضه، كما إذا تعلق دية الجناية بذمة المولى، فإنه مع ضمانه لا يمكن أن يكون عبده ملكا لغيره، وأما إذا تعلق القصاص على رقبة العبد فلا مانع من الإجازة. وتمام الكلام في محله.
قوله (قدس سره): (بقي الكلام في التصرفات الغير المنافية لملك المشتري من حين العقد، كتعريض المبيع للبيع.... إلى آخره).