ويسجل له بذلك بين العباد يوم قيام الأشهاد وسيأتي إن شاء الله لهذه النبذة في الفصل السابع زيادة تمام وتتمة ازدياد فهذا بعض آثاره ما أظهره من علمه وأبداه من معرفته وأما ما أبطنه منه فلم يبده لفظه مفصلا لتنقله الألسنة ولا نقله لسانه عن قلبه لتستودعه الأسماع بل صرح بوجوده وأعرب عن تحققه فقال في بعض كلامه المروي عنه عليه السلام أن بين جنبي علما جما لا أجد له حملة وقال في جملة كلمات مبسوطة بل اندمجت علي مكنون علم لو بحت لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيد فعلم بهذا التقرير أنه عليه السلام قد أبطن علما جما فكان باعتباره بطينا فهذا ما جرى به القدر في صفته قلمه وما وصل إليه مكان قدرية فرقه.
فمن بعض أقواله عليه السلام في القدر والذي لم يجده من يعينه العلم المكنون الذي أباحته تقتضي باضطراب سامعيه ليس علما قد اكتسبه بقراءة ودراسة ولا بمباحثة وتكرار بل هو علم لدني قذف الله تعالى نوره في قلبه من مشكاة تقوية وألهمه إياه لما تحلى زهده في متاع دنيا وقد صرح كتاب الله تعالى وسنة رسوله بذلك فقال عز من قائل واتقوا الله ويعلمكم الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زهد في الدنيا علمه الله بلا تعلم وهداه بلا هداية وجعله بصيرا وهذا لفظ الحديث فما رواه الحافظ أبو نعيم بسنده في حليته وقد كان علي عليه السلام قد أحكم هذين الدليلين وسلك السبيلين.
أما حصول صفة التقوى له فقد أثبتها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبلغ الطرق وأعلاها فإنه قال له يوما مرحبا بسيد المسلمين وإمام المتقين هكذا رواه الحافظ بسنده وإذا وصفه بكونه إمام أهل التقوى كان مقدما عليهم بزيادة تقواه فالتقوى ثابتة له بصفة الزيادة على غيره من المتقين.
وأما زهده في الدنيا فقد ذكرنا في الفصل المعقود لذلك ما فيه غنية وكفاية ولا حاجة إلى إعادته هيهنا ويلزم من حصول صفة التقوى وصفة الزهد له أن يترتب عليها مقتضاهما من حصول العلم المفاض على قلبه من غير دراسة بل بتعليم الله