تكسير الأصنام والتماثيل وتطهير المسجد الحرام من الأوثان والأباطيل وتغيير أساليب الشك والأضاليل حتى روى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده بسنده يرفعه إليه عليه السلام أنه قال انطلقت أنا والنبي حتى أتينا الكعبة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس فجلست وصعد على منكبي فذهبت لأنهض به فرأى بي ضعف الصبي فنزل وجلس لي نبي الله صلى الله عليه وسلم قال اصعد على منكبي فعصدت على منكبيه فنهض فلقد خيل فيه لي أني لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال من صفر أو نحاس فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه حتى إذا استمكنت منه فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقذف به فقذفته فتكسر كما تتكسر القوارير ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقينا أحد من الناس ونزعت نفسه عن ارتكاب السيئات فاجتهد في اجتنابها ونزعت إلى اجتناب الشهوات فجد في قطع أسبابها ونزعت إلى اكتساب الطاعات فسعى في اقترابها واقتناء ثوابها ونزعت إلى احتقاب الحسنات فارتدى بجلبابها وانتدى سوى محرابها فلهذا لما رجحت نفسه الزكية بكثرة ما نزعت عنه من المجتنب ونزعت إليه من المقترب اغتدى أحق بصفة الأنزعية وأخرى بها فاعتبار هذه الألفاظ المستتلاة للمعاني المستملاة والمستعلاة والمجاني المستجلاة فصارت له عليه السلام لفظة الأنزع من المدايح المستجناة والمثاني المستجلاة ولما اكتنفت العناية الإلهية وأحاطت الألطاف الربانية وأحدقت الرأفة الملكوتية برسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت قلبه مشكاة لأنوار النبوة والولاية وأنزل الله عليه الكتاب والحكمة وعلمه ما لم يكن يعلم وعلي يومئذ مشمول ببركات تربيته محصول له ثمرات حنوه عليه فشفقته لمع من تلك الأنوار بارقها وطلع من آفاق مشكاتها شارفها فاستنار قلب علي بتلك الأنوار وذكى بتلك الآثار وصفا من شوايب الأكدار واستعد لقبول ما يفيض عليه من أسرار العلوم وعلوم الأسرار ويجعل فيه من مقدار الحكم وحكم الأقدار
(٢١٩)