شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٣ - الصفحة ٦٢٥
جود الإمام عليه السلام وكرمه رواه جماعة (1):
(1) قال العلامة الشيخ علي بن أحمد بن الصباغ في (الفصول المهمة) ص 176 ط مطبعة العدل بالنجف الأشرف قال الشيخ كمال الدين بن طلحة: قد اشتهر النقل عنه عليه السلام بأنه كان يكرم الضيف ويمنح الطالب ويصل الرحم وينيل الفقراء ويسعف السائل ويكسو العريان ويشبع الجوعان ويعطي الغارم ويشد من الضعيف ويشفق على اليتيم ويعين ذا الحاجة وقل أن وصله مال إلا فرقه وفي الفصل المتقدم المعقود لكرم أخيه عليه السلام وقصة المرأة التي ذبحت الشاة وما وصلها به لما أن جاءته بعد أخيه الحسن من أعطائها الألف دينا وشرائه لها الألف شاة ما يعرفك إن الكرم ثابت لهؤلاء القوم حقيقة ولغيرهم مجاز إذ كل واحد منهم ضرب فيه بالقدح المعلى فحاز منه ما حاز فيهم بحار تجاوزت الغيوث سماحة ويبارون الليوث حماسة ويعدلون الجبال حلما وجارحة فهم البحور الزاخرة والسحب الهامية الماطرة وفيه يقال الشاعر:
فما كان من جود أتوه فإنما * توارثه آباء آبائهم قبل وهل ينبت الخطى إلا وشجه * وتغرس إلا في مغارسها النخل قال أنس كنت عند الحسين عليه السلام فدخلت عليه جارية فجأته بطاقة ريحان فقال أنت حرة لوجه الله تعالى فقلت له جارية تحبيك بطاقة ريحان لاحظ لها ولا بال فتعتقها فقال أما سمعت قوله تعالى (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) وكان أحسن منها عتقها.
وكتب إليه أخوه الحسن تلومه على إعطائه الشعراء فكتب إليه أنت أعلم مني أن خير المال ما وقى العرض.
وجنى بعض أقارنه جناية توجب التأديب فأمر بتأديبه فقال يا مولاي قال الله تعالى:
(والكاظمين الغيظ) قال عليه السلام خلوا عنه كظمت غيظي فقال: (والعافين عن الناس) قال عليه السلام قد عفوت عنك، فقال: (والله يحب المحسنين) قال أنت حر لوجه الله تعالى وأجازه بجائزة سنية.
وقيل أن معاوية لما قدم مكة وصله بمال كثير وثياب وافرة وكسوة فاخرة فرد الجميع عليه ولم يقبل منه شيئا، فهذه سجية الجود وشنشنة الكرم وصفة من حوى مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، ومما يؤديك بكرمه وسماحته ذكر ما تقدم في الفصل الذي قبل هذا من ثبات قلبه وشجاعته إذ الشجاعة والسماحة توأمان ورضيعا لبان فالجواد شجاع والشجاع جواد وهذه قاعدة كلية وإن خرج منها بعض الآحاد ومن خاف الوصمة في شرفه جاد بالطريف من ماله والتالد وقد قال أبو تمام في الجمع بينهما فأجاد:
وإذ رأيت أبا يزيد في ندى * ووغى ومبدى غارة ومعيدا أيقنت أن من السماح شجاعة * تدني وإن من الشجاعة جودا وقال آخر في هذا المعنى:
يجود بالنفس إن ظن البخيل بها * والجود بالنفس أقصى غاية الجود وقيل الكريم شجاع القلب والبخيل شجاع الوجه.
ومنهم الشريف أبو الحسن علي الحسني الندوي في (المرتضى - سيرة سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب) ص 197 ط دار القلم بدمشق قال:
وكان الحسن والحسين رضي الله عنهما من أجواد الاسلام.