شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٣ - الصفحة ٥٩٨
نبذة من كلماته الشريفة الحكيمة ومن كلامه عليه السلام ما رواه (1):
(١) قال العلامة الشيخ علي بن أحمد بن الصباغ في (الفصول المهمة) ص ١٧٨ ط مطبعة العدل بالنجف الأشرف قال:
فصل في ذكر شئ من محاسن كلامه وبديع نظامه عليه السلام قال الشيخ كمال الدين بن طلحة كانت الفصاحة لديه خاضعة والبلاغة لأمره زامعة طائعة وأما نظمه فيعد من الكلام جوهر عقد منظوم ومشهود برد مرقوم انتهى فمن كلامه عليه السلام حوائج الناس إليكم من نعم الله فلا تملوا النعم فتعود نقما وقال عليه السلام صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك فأكرم وجهك عن رده وقال عليه السلام في خطبة أيها الناس نافسوا في المكارم وسارعوا في المغانم ولا يحسبوا بمعروف ولم تجعلوا واكتسبوا الحمد بالنحج ولا تكسبوه بالمبطل فمهما يكن لأحد عند أحد صنيعة ورأي أنه لا يقوم بشكرها فالله تعالى له بمكافاته بمكان وذلك أجزل عطاء وأعظم أجرا واعلموا أن المعروف يكسب حمدا ويعقب أجرا فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسنا جميلا يسر الناظرين ولو رأيتم اللؤم رأيتموه منظرا قبيحا تنفر منه القلوب وتغض منه الأبصار أيها الناس من جاد ساد ومن بخل ذل فإن أجود الناس من أعطى من لا يرجوه واعف الناس من عفا عن قدرة وإن أوصل الناس من وصل من قطعه ومن أراد بالصنيعة إلى أخيه وجه الله تعالى كافأه الله تعالى بها في وقت حاجته وصرفت عنه من البلاد بأكثر من ذلك ومن نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة ومن أحسن أحسن الله إليه والله يحب المحسنين ومن كلامه عليه السلام الحلم زينة والوفاء مروة والصلة نعمة والاستكثار صلف والعجلة سفه والسفه ضعف واللغو ورطة ومجالسة الدنائة شره ومجالسة أهل الفسق ريبة. وقيل كان بينه وبين أخيه الحسن عليه السلام كلام فقيل له إذهب إلى أخيك الحسن فاسترضه وطيب خاطره فإنه أكبر منك فقال سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول أيما اثنين جرى بينهما كلام فطلب أحدهما رضى الآخر كان السابق سابقه إلى الجنة وأكره أن أسبق أخي الأكبر إلى الجنة فبلغ الحسن قوله عليه السلام فأتاه وترضاه. فهذه الألفاظ تجاري الهوى رقة ومتانة وتنبئك بأن لهم عند الله أكبر منزلة وعلو مكانة توارثوا البيان كابرا عن كابر وتسنموا تلك الفضايل كتسنمهم متون المنابر وتساووا في مضمار المعارف فالآخر يأخذ عن الأول والأول يملي على الآخر.
شرف تتابع كابرا عن كابر * كالرمح انبوبا على أنبوب وأما نظمه عليه السلام فمن ذلك ما نقله عنه ابن أعثم صاحب كتاب الفتوح وهو انه عليه السلام لما أحاطت به جموع بن زياد لعنه الله وقتلوا من قتلوا من أصحابه ومنعوهم الماء كان له ولد صغير فجائه سهم فقتله فرمله الحسين عليه السلام وحفر له بسيفه وصلى عليه ودفنه وقال شعرا:
غدر القوم وقدما رغبوا * عن ثواب الله رب الثقلين قتلوا قدما عليا وابنه * حسن الخير كريم الأبوين حسدا منهم وقالوا اقبلوا * نقتل الآن جميعا للحسين خيرة الله من الخلق أبي * ثم أمي فأنا ابن الخيرتين فضة قد صفيت من ذهب * فأنا الفضة وابن الذهبين من له جد كجدي في الورى * أو كشيخي فأنا ابن القمرين فاطم الزهراء أمي وأبي * قاصم الكفر ببدر وحنين وله في يوم أحد وقعة * شفت الغل بفض العسكرين ثم بالأحزاب والفتح معا * كان فيها حتف أهل الوثنين ومن ذلك ما حكي أن الفرزدق لقيه عليه السلام وهو متوجه إلى الكوفة فقاله له يا ابن رسول الله كيف تركبن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل فترحم على مسلم بن عقيل وقال أما إنه صار إلى رحمة الله تعالى ورضوانه وقضى ما عليه وبقي ما علينا وأنشد يقول:
وإن تكن الدنيا تعد نفيسة * فإن ثواب الله أعلى وأنبل وإن تكن الأبدان للموت أنشئت * فقتل أمر في الله بالسيف أفضل وإن تكن الأرزاق قسما مقدرا * فقلة حرص المرء في الكسب أجمل وإن تكن الأموال للترك جمعها * فما بال متروك به المرء يبخل ومن نظمه عليه السلام:
ذهب الذين أحبهم * وبقيت فيمن لا أحبه فيمن أراه يسبني * ظهر المغيب ولا أسبه أفلا يرى أن فعله * مما يسير إليه غيه حسبي بربي كافيا * مما اختشي والبغي حسبه ولعل من يبغي عليه * ألا كفاه الله ربه وقال عليه السلام:
إذا ما عضك الدهر * فلا تجنح إلى الخلق ولا تسأل سوى الله * تعالى قاسم الرزق فلو عشت وطوقت * من الغرب إلى الشرق لما صادفت من يقدر * أن يسعد أو يشقى وقال عليه السلام من قصيدة طويلة هذا أولها:
إذا استنصر المرء امرء لا يداله * فناصره والخاذلون سواء أنا ابن الذي قد يعلمون مكانه * وليس على الحق المبين طحاء أليس رسول الله جدي ووالدي * أنا البدر إن خلا النجوم خفاء ألم ينزل القرآن خلف بيوتنا * صباحا ومن بعد الصباح مسأ ينازعني والله بيني وبينه * يزيد وليس الأمر حيث يشاء فيا نصحاء الله أنتم ولأنه * وأنتم على أديانه أمناء بأي كتاب أم بأية سنة * تناولها عن أهلها البعداء وقال أبو مخنف كان الحسين بن علي تعلوه الكراهة لما كان عليه من أمر أخيه الحسن من صلح معاوية ويقول لو جز أنفي بموس كان أحب إلى مما فعله أخي وقال في ذلك:
فما سائني شئ كما سائني أخي * ولم أرض والله الذي كان صانعا ولكن إذا ما الله أمضى قضاءه * فلا بد يوما أن تر الأمر واقعا ول أنني شورت فيه لما رأوا * قرينهم إلا عن الأمر شاسعا ولم أك أرضى بالذي قد رضوا به * ولو جمعت كفي إلى المجامعا ولو جز أنفي قبل ذلك جزة * بموس لما ألقيت للصلح طائعا