(جامع الأفكار وناقد الأنظار) بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي دل على ذاته بذاته وتجلى لخلقه ببدايع مصنوعاته، أظهر من عجائب قدرته ما حير ثواقب العقول والأفهام، وابرز من غرائب عظمته ما بهر نوافذ المدارك والأوهام، خرق علمه باطن غيب السترات، وأحاط بغموض عقائد السريرات، والصلاة على مهابط المعارف والأسرار ووسائط الفيوضات والأنوار، من الأنبياء المكرمين الأخيار وخلفائهم الراشدين الأطهار.
وبعد فيقول أضعف المحتاجين: مهدي بن أبي ذر النراقي - نور الله قلبه بنور اليقين وجعله من الصادقين المقربين -: هذا يا إخواني ما أردتم من أصول المعارف الحقيقية وجوامع العقائد اليقينية: من العلم بالله وصفات كماله ومعرفة أسمائه ونعوت جلاله، وما يتلوهما من المباحث الآلهية العالية والمطالب الحقة المتعالية، مما يرتقى به إلى منازل الأخيار ويعرج به إلى عوالم العقول والأنوار، ويتوجه به إلى شطر كعبة الملكوت ويسلك به إلى صقع عالم الجبروت. وقد بعث الله السفراء لأجله، وانعقد إجماع الأمة على وجوب أخذه فيلزم على الكل حمله ولا يسع لأحد جهله، وأسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه ويحرسه عن غير أهله، ولاشتماله على جمع الأفكار الإلهية ونقدها، سيما ما تعلق بالشرح الجديد للتجريد من الحواشي، وسميته ب (جامع الأفكار وناقد الأنظار)، ورتبته على مقدمات ومقالات:
المقدمة الأولى - في إبطال ترجح المساوي والمرجوح وترجيحهما.
بيان الأول: إن معنى المساواة كون شيئين في مرتبة واحدة بالنظر إلى ثالث، ومعنى المرجوحية كون الشيئين أحدهما أبعد من الآخر، والراجحية كونه أقرب منه، فلو ترجح المساوي أو المرجوح لزم التناقض.