اعتقاد صحة الرجعة، فلا يظهر منهم مخالف يعتد به من العلماء السابقين ولا اللاحقين، وقد علم دخول المعصوم في هذا الاجماع بورود الأحاديث المتواترة عن النبي والأئمة (عليهم السلام)، الدالة على اعتقادهم بصحة الرجعة، حتى أنه قد ورد ذلك عن صاحب الزمان محمد بن الحسن المهدي (عليه السلام) في التوقيعات الواردة عنه وغيرها، مع قلة ما ورد عنه في مثل ذلك بالنسبة إلى ما ورد عن آبائه (عليهم السلام).
وممن صرح بثبوت الاجماع هنا ونقله الشيخ الجليل أمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في كتاب " مجمع البيان لعلوم القرآن " في تفسير قوله تعالى * (ويوم نحشر من كل أمة فوجا) * (1) حيث قال: استدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية بأن دخول " من " في الكلام يفيد التبعيض، فدل على أن المشار إليه في الآية يوم يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة القيامة الذي يقول الله فيه * (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) * (2).
وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد (عليهم السلام)، أن الله سيعيد عند قيام المهدي (عليه السلام) قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضا قوما من أعدائه، لينتقم منهم وينالوا ما يستحقونه من العقاب في الدنيا، من القتل على أيدي شيعته، أو الذل والخزي بما يرون من علو كلمته، ولا يشك عاقل أن هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه، وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية، ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع، مثل قصة عزير وغيره على ما فسرناه في موضعه.